اطّلع على الأنسولين
اطّلع على الأنسولين
لو سألتك عما تعرف عن الأنسولين لعلك تجيب أنه علاج لمرض السكري ثم تنهي الإجابة، أليس كذلك؟ ولكن دعنا نعرف هل هذه إجابة كافية أم ما زال ينقصها الكثير.. الأنسولين في الحقيقة ليس مجرد علاج لمرض السكري، بل هو هرمون يُفرز بشكل طبيعي من الجسم، تحديدًا من البنكرياس، وإذا كنت تتساءل عن المقصود بكونه هرمونًا، فإليك هذا.. الهرمون مادة بروتينية على الأغلب تنتجها خلايا محددة من الجسم ثم تلقي بها في الدم، وبعد أن تسير مع مجرى الدم تصل إلى جزء آخر من الجسم لتؤثر في نموه أو وظيفته. ويُفرز الأنسولين من البنكرياس عندما ترتفع مستويات الجلوكوز في الدم حتى ينظم مستويات الجلوكوز في الدم ويعيدها إلى المعدلات الطبيعية، وذلك عن طريق نقله للجلوكوز من الدم وإدخاله إلى خلايا الجسم المختلفة لتستخدمه في إنتاج الطاقة اللازمة لإتمام وظائفها المختلفة، وإذا أخذت كل الخلايا احتياجاتها من الجلوكوز وما زال هناك فائض في الدم، يضطر الأنسولين إلى تخزين هذا الفائض من الجلوكوز على هيئة جلَيكُوجين في الكبد والعضلات، أو في صورة دهون تحت الجلد.
إلى هنا يكون الأنسولين قد أدى وظيفته بشكل طبيعي وسارت كل الأمور على ما يرام، إذًا أين تكمن المشكلات ومتى تحدث؟ تحدث المشكلات ويصاب الجسد باضطراب وظائفه إذا ما أصبحت الخلايا مُقاوِمة للأنسولين، إذ إن الخلايا تصبح مُقاوِمة للأنسولين عندما تقل استجابتها للقدر الطبيعي المعتاد من الأنسولين، ونتيجة لذلك يضطر البنكرياس إلى زيادة إفراز الأنسولين لعله يؤثر في الخلايا ويؤدي وظيفته. وقد يسأل سائل عن الفرق بين مقاومة الأنسولين ومرض السكري فدعونا نوضح الفرق، في مقاومة الأنسولين يجاري البنكرياس احتياج خلايا الجسم لمعدلات الأنسولين العالية حتى تستجيب وتنخفض معدلات الجلوكوز بالدم، ولكن باستمرار حالة المقاومة هذه، يصل البنكرياس إلى نقطة يعجز فيها عن المجاراة وإفراز المعدلات العالية من الأنسولين فيرتفع جلوكوز الدم وتظهر أعراض السكري.
الفكرة من كتاب لماذا نمرض؟ الوباء الخفي الكامن وراء معظم الأمراض المزمنة وكيفية مواجهته
جميعنا يخشى اليوم الذي قد يصاب فيه بأحد الأمراض المزمنة كالضغط والسكري وتصلب الشرايين، ولكن هل بأيدينا شيء غير أن نخشاه؟ بالتأكيد نعم! بأيدينا تجنبه إذا وجهنا انتباهنا لشيء واحد فقط وهو مستوى الأنسولين في الدم ومدى حساسية خلايا الجسم له، يبدو ذلك أمرًا مستبعدًا وخياليًّا قليلًا، وربما حدثت نفسك قائلًا “أليس الأنسولين مسؤولًا عن مرض السكري؟! فما دخله إذًا بالأمراض المزمنة الأخرى؟ وهل مجرد الاهتمام بالأنسولين يقيني كل الأمراض المزمنة؟!”، ولكني أطالبك بحفظ سؤالك لأنك من سيجيب عنه في نهاية رحلتنا، وذلك بعد الاطلاع على الأنسولين ومقاومة الخلايا له ومدى تأثيرها في كل الجسم، ولن ننسى كذلك سبل الوقاية والعلاج.
مؤلف كتاب لماذا نمرض؟ الوباء الخفي الكامن وراء معظم الأمراض المزمنة وكيفية مواجهته
بينجامين بيكمان: حاصل على درجة الدكتوراه في الفلسفة والطاقة الحيوية من جامعة شرق كاليفورنيا، بالإضافة إلى ماجستير العلوم وفسيولوجيا التمرين من جامعة بريجهام يونج، له عديد من الأبحاث في بيولوجيا وفسيولوجيا الخلايا البشرية.