اضطراب العملة بين الذهب والفضة
اضطراب العملة بين الذهب والفضة
بعد أن ضم العثمانيون القسطنطينية إلى حكمهم عام 1453م، خسرت أوربا شرقي الإمبراطورية الرومانية بكل ثرواتها، كما أن هذا صادف اكتشاف أمريكا، إذ حاول الأوربيون توسيع تجارتهم مع الشرق، فاتخذوا من الاستعمار وسيلة للاستيلاء على المعادن، فقد قُدِّرَ ما استولت عليه أوربا من الذهب الإفريقي بما لا يقل عن 690 مليون مارك ذهبًا، كان معظم هذا الذهب من غِينيا، وطبعًا كلما زادت المعادن زادت الأسعار، وبقي هذا الارتفاع مدة في مستهل القرن السابع عشر.
أما إسبانيا فقد اتبعت سياسة الاستئثار بالمعادن مما أدى إلى نزاع بين الدول الأوربية، فنتج عن تلك الحروب ظهور البنوك، التي كان يقوم بدورها الصرافون قديمًا، إذ كانوا يقرضون المال ويقبلون الودائع ويشترون المعادن ويستبدلون العملات، فسمحت الحكومات بتأسيس الشركات المالية، فنشأ بنك أمستردام في سنة 1609م، وبنك هامبورج سنة 1610م، وغيرها من البنوك في إنجلترا، وباقي بلدان العالم.
ظل هناك اضطراب في استخدام العملات الذهبية والفضية، حتى ثبّتت إنجلترا في عام 1816م عملتها على قاعدة الذهب، فكانت هي وألمانيا ممن يدعمون قاعدة الذهب، أما الصين والهند فلم يعرفوا سوى الفضة، وهناك من ظل متمسكا بكلتا العملتين كفرنسا وأمريكا، لكن بحلول القرن العشرين تحولت الزعامة إلى الذهب في سيادة العالم.
الفكرة من كتاب موجز النقود والسياسة النقدية
لم يكن الإنسان بادئ أمره عارفًا بالنقود وأنواعها، ولا المعادن وطرائق ضربها، بل كان إذا بدت له حاجة أخذها بالقوة، وإلا انصرف عنها، حتى أعمل عقله في ما حوله واتخذ مما يجده أداة لتلبية حاجاته، من اتخاذ الحجارة المدببة للدفاع عن النفس، أو لصيد ما يسد رمقه به، ثم لم يلبث أن اتخذ من المبادلة أسلوبًا في تعامله مع غيره، ليحصل على اللحوم والجلود، لكن اللحوم كانت سريعًا ما تفسد فراجت المبادلة أكثر في الجلود والعظام، فكيف تحولت المبادلة من احتياج أَوَّلِيٍّ إلى نقود وعملات تقوم عليها الدول وتهبط؟
يصحبنا الكاتب في رحلة منذ بداية التعامل بالتبادل إلى ما قبل الحرب العالمية الثانية، فيقص علينا أصل النقود، ومن ثم كيفيتها عند الشعوب القديمة من فُرس وإغريق ورومان، ومن ثم ظهور الإسلام، وكيف تعامل مع العملة، كما يصحبنا من العصور الوسطى، ومتى ظهر الورق، إلى التحول الذي أحدثته الحروب في السياسة المالية، وكيف أثرت فيها.
مؤلف كتاب موجز النقود والسياسة النقدية
زكريا مهران: كاتب، ومالي وحقوقي مصري، تخرج في مدرسة الحقوق عام 1920م، واشتغل بالمحاماة لمدة، ثم انصرف إلى الاقتصاد فعمل مع “طلعت حرب” في بنك مصر وشركاته، ثم عُيِّنَ عضوًا في مجلس الشيوخ، وقد وافته المنية بشكل مفاجئ في إحدى جلسات المجلس عام 1949م، ومن أهم مؤلفاته:
البنك المركزي في العصور المختلفة.
التاريخ يفسر التضخم والتقلص.