اضطراب الشبهة داخليًّا

اضطراب الشبهة داخليًّا
الناظر في طبيعة الاعتراضات الإلحادية يُدرك أنها مُكرَّرة، يرتكز معظمها على أصل واحد مهما بدا تنوُّعها واختلافها، ومن تلك الشبهات ذلك التساؤل عن حكمة طلب الرب عبادته، وبالتأمُّل اليسير نلاحظ أن التساؤل أو الاعتراض يحمل في ذاته دليل فساده، لذا فالانتباه إلى الاضطراب الداخلي للشبهة ذاتها أولى من محاولة جمع الأدلة الخارجية لهدمها، وبالنظر النقدي في دعوى “حاجة” الله إلى عبادتنا وتعارض ذلك مع طبيعة الاستغناء الإلهي عن الحاجة، يكشف أن هذه الدعوى فاسدة من عدّة أوجه.

فمن الأخطاء التي يقع فيها البشر تلقائيًّا محاولة أنسنة كل ما حولهم، فيُضيفون عليها مشاعر الإنسان ونوازعه العقلية والعاطفية، فالذي وقع فيه صاحب هذا الإشكال هو أنه أقام فهمه لذات الخالق على مبدأ أنسنة الرب، حيث أدخل الذات الإلهية في قياس التمثيل أو الشمول، فشمل الإنسان والإله نفس المعاني بحقائقها.
فطلب الإنسان دليل حاجته، ومن ثَم كل طلب سببه الحاجة، فالله – سبحانه – يطلب.. وعليه فإن طلبه يرجع إلى الحاجة، وهذا خطأ كبير، لأن صفات الله عز وجل لا تدخل في قياس التمثيل، لأن ذاته سبحانه غير ذات البشر، بل أعلى وأكمل من ذات البشر، فصفات الله تُدرك بقياس الأولَى، بأن نثبت لله كل خير يليق به سبحانه ثابت للبشر، فمثلًا للإنسان علم لكن علم الله أعظم، علم الله كامل، فالاشتراك في الأسماء لا يلزم منه الاشتراك في الحقائق.
الفكرة من كتاب لماذا يطلب الله من البشر عبادته؟
لِمَ يطلب منَّا الله أن نعبده، وهو غنيٌّ عن العبادة؟ ما الذي يستفيده الخالق من صلواتٍ ودعواتٍ وصيام؟ أليس طلب العبادة علامة نقصٍ ودليل احتياج؟ جميعها تساؤلات قد ترد في أذهان بعض الناس، فيحاول الكاتب الإجابة عن تلك التساؤلات المتعلِّقة بذات الله- سبحانه -، وعن الحكمة من طلب الربِّ عبادتَهُ.
مؤلف كتاب لماذا يطلب الله من البشر عبادته؟
سامي عامري: باحث ومحاضِر، متخصص في دراسات العهد الجديد والاستشراق التنصيري، حاصل على درجة الدكتوراه في الدراسات الإسلامية، وصاحب مبادرة البحث العلمي لمقارنة الأديان، ويجيد اللغات العربية والإنجليزية والفرنسية والعبرية والسريانية، إضافة إلى يونانية العهد الجديد.
له عدد كبير من المؤلفات ما بين مطبوع ومخطوط منها: براهين وجود الله، وبراهين النبوَّة، واستعادة النص الأصلي للإنجيل، وهل اقتبس القرآن الكريم من كتب اليهود والنصارى؟ وغيرها.