اصنع من ابنك رجلًا
اصنع من ابنك رجلًا
إذا أردت أن تبني رجلًا، فعليك أن تعلم أبناءك مهارات التواصل الاجتماعي، والتعامل مع الآخر، والاحتكاك بالمحيط الخارجي، وسيتوقف صمودهم وانتصارهم في معترك الحياة على ما تعلموه في مرحلة الطفولة.
ونحن إذ نظن أن التعليم قاصر على الدروس التي يتلقَّاها أبناؤنا في المدرسة وخلال مراحل التعليم، فلا ننتبه أن أبلغ الدروس وأهمها هي ما تعلمنا إياه مدرسة الحياة، والمربي الفطن هو الذي يبدأ في تأهيل صغاره لمواجهة الحياة، فالحياة يا عزيزي المربي كالغابة ستجد فيها الطيور الجميلة المغردة، والغزلان الرشيقة، وستجد أيضًا النمور والأسود، وفيها الطيبون والأشرار، والمجانين والعقلاء، فصار من حسن الفطنة أن نجهز أبناءنا للتعامل مع حياة -للأسف- سنقابل فيها من لا نتمنى لقاءه، ونتعامل مع من لا نحب التعامل معه، ولكي تعدَّ ابنك لهذا المعترك فلا بد أن تنمِّي الضمير في ولدك، فالضمير هو الرقابة العليا التي تحيط بالإنسان في حركاته، وتصرُّفاته، وأفعاله، وهو دليله نحو الحق، ومانعه من الشر، ومؤنِّبه على الخطيئة، وهذا الضمير يُبنَى مع الإنسان رويدًا رويدًا ويلعب البيت دورًا مهمًّا في بنائه.
والشخص الذي يمتلك ضميرًا حيًّا، ترى مبادئه ثابتة، ويقينه راسخًا، ومعتقداته لا تتزحزح، ويأبى أن يتنازل عن قشَّة من الرصيد الأخلاقي لديه مقابل كنوز الأرض جميعًا، وعلى الأبوين أن يوضحا لأولادهما أن الذي يثبت على مبادئه قد يخسر على المدى القصير، لكنه الرابح الأكبر على المدى البعيد، حيث لا نجاة ولا فوز من غير ثبات على الحق واستمساك به.
وسلوكك هو أكثر ما يرسِّخ معنى الضمير في ولدك، فصورتك وأنت تصلِّي في جوف الليل في غرفة مغلقة، أو قيامك بأي عمل فيه انصياع لله (سبحانه وتعالى) وتوقير له، ينطبع في ذهن ولدك، ويرقِّق قلبه، ويساعده في بناء ضميره، كذلك وعظك له وتعهُّدك الدائم بالنصيحة الطيبة السهلة يجد في عقله مكانًا.
ومن الجيد أن نوصِّل إلى أبنائنا مفهوم أننا لسنا الوحيدين على سطح الأرض، وأن نزرع لديه روح الانتماء إلى الأسرة، والوطن، والدين، وأن شركاءنا في هذه الدوائر لهم علينا حقوق وواجبات، ونصيحتي لكل أب أن ينمي عند ابنه روح العمل التطوعي، كأن يشركه في تنظيف الحي، أو يعلمه أن يضع صدقة في كف مسكين أو صندوق تبرُّعات، وأن يشركه في الأنشطة العامة بأن يشجِّعه أن ينخرط في الأنشطة، سواء في المدرسة، أو النادي، أو مع أقرانه الآخرين، فإن ذلك من شأنه أن يجعل منه طرفًا إيجابيًّا في معادلة الحياة.
الفكرة من كتاب الآن فهمتكم
تتفكَّك الأسر حينما يضل المربي- أبًا كان أو أمًّا- طريق التربية الرشيدة، ولا ينتبه أن إنشاء الأبناء وتربيتهم مسؤولية عظيمة، وأنها درب من دروب الجهاد والتقرُّب إلى الله.
“الآن فهمتكم” يبثُّ فيه كاتبه خلاصة تجربته العملية في التربية الإيجابية، ويوضِّح فيه أن المربي الذكي هو الذي يصنع مع أبنائه مساحة من الفهم والتوافق والاحترام، وهو الذي يتعهَّد أبناءه ويراقب سلوكهم، وينصح لهم ويتفاعل مع مشاكلهم، وهو الذي يصنع مساحة من الهيبة والاحترام بينه وبين أبنائه، معًا في هذا الكتاب سنتعرَّف على البناء النفسي للطفل السوي، وكيف ننمِّي ذكاء الطفل العاطفي ومهاراته، وكيف نصنع منه رجلًا.
مؤلف كتاب الآن فهمتكم
كريم الشاذلي: كاتب مصري، ومحاضر في مجال التنمية البشرية ومختص في مجال التنمية البشرية ومختص في فنون تربية الأبناء، ولد عام 1979 في محافظة الدقهلية، له عدة مؤلفات وكتب كثيرة عن الأسرة والزواج، والعلوم الإنسانية ومهارات التواصل الاجتماعي، والتطوير الذاتي والاجتماعي، منها: “جرعات من الحب”، و”سحابة صيف”، و”لم يخبرونا بهذا قبل أن نتزوج”، و”الشخصية الساحرة”، و”اصنع لنفسك ماركة”، و”الهزيمة”، و”امرأة من طراز خاص”.