اسم الرُّميصاء
اسم الرُّميصاء
يُقال إن لكل صاحب اسم له منه نصيب، وكان الرسول (صلى الله عليه وسلم) يحب الاسم الجميل الذي له معنى ودلالة جميلة، ويستبشر به، وجاء في معاجم اللغة ومناقشات كثيرة حول معاني الأسماء، على أثرها ذُكر أنه لكل اسم معنى وهذا أجمل ما في لغتنا العربية، وتعدَّدت ألقاب السيدة الرُّميصاء (رضي الله عنها)، فقيل اسمها في الشهرة الرُّميصاء أو الرُّميساء أو الغميصاء، وقيل سُهيلة أو رُمَيلة أو رُمَيثة أو أنيفَة أو مُلَيكة، وما ذُكر عن الإمام علي بن المديني (رضي الله عنه) بعد مناقشات متعدِّدة حول اسم السيدة بأنه مُلَيْكة بنت مِلحان، ولقبها الرُّميصاء، وجاء في مقاييس اللغة عن ابن فارس عن لقبها الرُّميصاء، وقال “الراء والميم والصاد أُصَيل يدلُّ على إلقاءِ قَذَى، يقولون رَمَصَتِ العين، إذا أخرجت ما يخرج منها عند الرَّمَد، ويقولون: رَمَصْت بينهم، أي أصلَحْت، وربما قالوا: رَمَص الله مُصِيبتَه يَرْمُصها رَمْصًا، إذا جَبَرها”.
وإذا رُسمت بالسين كما جاء عن بعض العلماء الرُّميساء فمعناها: “ويقال رمستُ على فلان الخبرَ: إذا كتمته إياه، ورمستُ الرجل وأرمسته: دفنته، فالراء والميم والسين أصل واحد يدل على تغطية وستر”، وإذا عُدنا إلى صاحبة اللقب ذاته هل كان لها من معناه نصيب وتطبيق حيٌّ؟ بالطبع كان، فقد كتمت خبر وفاة ابنها عن زوجها، وهذا جاء من معنى رَمَسَت فجاء عوض الله لها ورَمَصَ الله مصيبتها، أي جبرها وأصلح حالها فرزقها بالحمل ليلتها، والتصغير من ألقابها رُميصاء، ورُمَيساء واسمها مُلَيكة الهدف منه التدليل كما كانت تُدلِّل أنس وتقول له أُنَيس، أما الكُنية بـ”أم سُلَيْم” فهذا في الغالب لأن عادة الناس في الزمن وقتها أن يُكنَّوا بأسماء إخوتهم الذكور، وقد من باب اللطف وبخاصةٍ لو كان صغير السن مثلما فعل النبي (صلى الله عليه وسلم) مع سيدنا أنس وكَنّاه بـ”أبو حمزة” وأخاه بـ”أبو عُمَير” ليُداعبه، وقد يكون هذا سبب كُنيتها.
الفكرة من كتاب الرُّميصاء في ظلال التربية النبوية
أعظم ما في التاريخ أنه يُخلِّد أفعال وأقوال الأشخاص ولا يترك أعمالهم تذهب هباءً، بل تظل قناديل نهتدي بها في المسير، وجاءت السيرة النبوية بشكل خاص لتكون هُدى نهتدي به في الحياة بعد القرآن الكريم، ولم تترك السيرة جانب المرأة الذي هو جانب بنَّاء لأمة بأكملها، فتجد المرأة أدوارها لا تُعدُّ ولا تُحصى، فهي زوجة وابنة وأم وأخت ومعلمة وغيرها، وكل أدوارها تبني وتعمر وتربي، المرأة فُطرت بفطرة عجيبة من الله (عز وجل) قادرة على القيام بالعديد من الأعمال في آنٍ واحدٍ دون كلل منها أو ملل، تهتم بالصغير وترعى الكبير وتطبخ وتنظف وتعمل وتتعلم دون شكوى أو إهمال، وأجلُّ القدوات التي نهتدي بها في طريقنا هنَّ نساء النبي والصحابة، فهُنَّ نوع فريد وخاص من النساء، فمنهن من قاتلت في سبيل الله ومن صبرت وعُذِّبت لله، ومن ربَّت أعظم الصحابة وهكذا، تعدَّدت أدوارهن لكنهن تميزن ببذلٍ وحبٍّ لله، وفي كتابنا هذا يعرض الكاتب قدوة من أعظم القدوات النسائية وكيف بذلت في سبيل الله كأم وزوجة وسيدة مسلمة، وضُرب بها المثل كقدوة صالحة وبُشرت بالجنة من النبي الكريم (صلى الله عليه وسلم).
مؤلف كتاب الرُّميصاء في ظلال التربية النبوية
الدكتور محمد حشمت: باحث وكاتب ومُحاضر، وباحث دكتوراه، وحاصل على ماجستير في العقيدة، وليسانس اللغة العربية والعلوم الإسلامية، وله عدة مؤلفات: “نظرية الدين والتدين”، و”الفهم والوهم”، و”أضغاث أوهام”، و”قراءة في أفكار عبد الجواد ياسين”، و”كعب بن مالك في ظلال التربية النبوية”، و”الرميصاء ظلال التربية النبوية”، و”جابر بن عبد الله ظلال التربية النبوية”.