استهلاك الحب
استهلاك الحب
يعمل الأمريكيون عدد ساعات أكبر من أي شعب متقدم آخر (باستثناء اليابانيين) لكي يدفعوا مقابل عاداتهم الشرائية، مع ذلك فهم لا يشعرون بالرضا عن وظائفهم إلا لكونها تجلب لهم المال، ورغم ساعات العمل الإضافية التي يعملونها فإنهم في سعي مستمر لقضاء الديون جراء عاداتهم الاستهلاكية .
وبسبب هذا النمط من الحياة الذي يقضى معظمه في العمل وجلب المال، أصبح الفقر العاطفي والخواء الروحي من مكونات الشخصية الأمريكية، فتجد في مثل هذا المجتمع فقرًا في العلاقات الأسرية وزواجًا يصحبه كثير من القلق وانفصال الأبناء عن الآباء وقطع الروابط بينهم.
وإذا وجدت الضغوط في الخارج والفقر في النفس من الداخل فلا عجب أن يبحث الإنسان عن وسيلة للهروب، كإدمان المخدرات أو الجنس أو الإفراط في تناول الوجبات السريعة أو كثرة العمل والانشغال المستمر؛ هربًا من الالتزامات الأسرية أو من الخلوة بالنفس.
ولا يتوقف الأمر عند ذلك، بل تبدأ مفاهيم الأشياء في التغير وتحل محلها مفاهيم أخرى، فيتحول مفهوم انهيار الأسرة من تفكك العلاقات بين أفرادها إلى عدم القدرة على توفير الاحتياجات المادية لهذه الأسرة، ويتحول عمل الإنسان من وسيلة لجلب الاحتياجات الأساسية إلى وسيلة لقضاء الديون المقترضة في شراء الكماليات.
الفكرة من كتاب ثقافة الاستهلاك: الاستهلاك والحضارة والسعي وراء السعادة
أن تملك أو لا تملك هو جوهر النزعة الاستهلاكية في أمريكا ومحرك الرأسمالية الغربية، إذ يعتمد 90% من قوة العمل الأمريكية بشكل مباشر أو غير مباشر على الأعمال التجارية التي تنتج السلع والخدمات الاستهلاكية، وهو ما يشكل معظم دخل البلاد والعمل بداخلها.
تصاحب هذه الثقافة الاستهلاكية حالة من عدم السعادة، نتيجة التطلع لما هو غير موجود، فنرى أشياء لم تكن للبيع من قبل صارت تباع، مع قلة في الأعمال الجادة، وتعزيز لنظام الفوارق بين الطبقات، وبيع ما يجلب المال بدلًا من بيع ما يحتوي قيمة حقيقية، واستهلاك دائم للطبيعة وسعي للتفوق عليها.
فما طبيعة هذه الثقافة الاستهلاكية؟ وما أسباب شيوعها؟ وما مدى تأثيرها في جوانب الحياة المختلفة؟ وهل يمكن التغلب عليها أم إنها أصبحت واقعًا لا مفر منه؟ يحاول الكتاب الإجابة عن هذه التساؤلات في مجموعة من المقالات لعدد من الكتاب تتضمن رؤية وتحليلًا لجوانب مختلفة في المجتمع تتعلق بهذه الثقافة الاستهلاكية.
مؤلف كتاب ثقافة الاستهلاك: الاستهلاك والحضارة والسعي وراء السعادة
روجر روزنبلات: أستاذ اللغة الإنجليزية والكتابة المتميز في جامعة ولاية نيويورك ستوني بروك / ساوثهامبتون، حصل على درجة الدكتوراه في الكتابة الإبداعية من جامعة هارفارد، له مؤلفات ومسرحيات عدة، منها مسرحية “فري سبيس في أمريكا” التي صنفت واحدة من أفضل عشر مسرحيات لعام 1991 في التايمز.
معلومات عن المترجم:
ليلى عبد الرازق، أستاذة اللغة الإنجليزية والترجمة الفورية بجامعة الأزهر، وعضو لجنة الترجمة بالمجلس الأعلى للثقافة، ترجمت العديد من الكتب العربية إلى اللغة الإنجليزية، من ضمنها كتاب شخصية مصر للدكتور جمال حمدان.