استقلال الجزائر
استقلال الجزائر
عاد الشيخ إلى الجزائر بعد الاستقلال عام 1962، وألقى خطبة النصر في مسجد كتشاوة الذي كان الاستعمار قد حوله إلى كاتدرائية، وكان من قوله فيها: “سبحانه تعالى جعل السيف فرقانًا بين الحق والباطل، وأنتج من المتضادات أضدادها، فأخرج القوة من الضعف، والحرية من العبودية وجعل الموت طريقًا إلى الحياة وما أعذب الموت إذا كان للحياة طريقًا، وبايعه عباده المؤمنون الصادقون على الموت فباؤوا بالصفقة الرابحة ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ﴾، يا أتباع محمد عليه السلام، هذا هو اليوم الأزهر الأنور، وهذا هو اليوم المشهود الأغر المحجل، وهذا المسجد هو حصة الإسلام من مغانم جهادكم، بل هو وديعة الله في ذممكم، وهذه بضاعتكم ردت إليكم، أخذها الاستعمار منكم استلابًا، وأخذتموها منه غلابًا، بل هذا بيت التوحيد عاد إلى التوحيد، وعاد إليه التوحيد فالتقيتم جميعًا على قدر”.
بعد الاستقلال رأى الشيخ أنه سلم راية جهاده في الدفاع عن الإسلام والنهوض باللغة العربية للمسؤولين في الوطن، وقرَّر أن يلزم الصمت تاركًا لهم زمام العمل، غير أنه وفي عام 1964 خرج عن صمته وأصدر بيانًا أعلن فيه عدم رضاه عن السياسات المتبعة، وحذَّر فيه من حرب أهلية تنجرف إليها الجزائر، بالإضافة إلى التخبُّط الروحي والتدهور الاقتصادي، مناديًا بأن تكون الأسس التي يقوم عليها الإصلاح منطلقة من جذور العربية والإسلام لا من الغرب، وقد توفي الشيخ بعد ذلك بعام واحد في منزله يوم 20 مايو عام 1965.
الفكرة من كتاب من أنا؟ محمد البشير الإبراهيمي
سيرة محمد البشير إنما هي سيرة إمام وعالم ومناضل، حمل راية العلم والإصلاح لتحرير أمته، مما أسماهما الاستعمارين المادي والروحي، أما المادي فهو الاحتلال الفرنسي، وأما الروحي فهو الخرافات والبدع التي انتشرت على يد مشايخ الطرق، وتتناول هذه السيرة مراحل حياته منذ نشأته في الجزائر وتلقيه العلم، ثم انتقاله إلى المدينة المنورة وتدريسه بالمسجد النبوي، وبعدها إلى دمشق ومن ثم عودته، ودوره في تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وموقفه من الاستعمار الفرنسي، ومن الثورة الجزائرية المجيدة.
وقد قام بجمعها وتحقيقها الدكتور رابح بن خوية من ثلاثة مقالات كتبها محمد البشير بنفسه لمناسبات مختلفة، وأضاف عددًا من أهم خطبه التي تبيِّن جزءًا من مواقفه في آخر حياته، مستعينًا في ذلك بكتاب “آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي” الذي كتبه ابن الشيخ الأصغر أحمد.
مؤلف كتاب من أنا؟ محمد البشير الإبراهيمي
محمد البشير الإبراهيمي، إمام ومفكر ومؤلف، ولغوي جزائري، ولد عام 1889، من أئمة الإصلاح إبان الاحتلال الفرنسي للجزائر، أسَّس مع الإمام عبد الحميد بن باديس جمعية العلماء المسلمين بالجزائر، وكان له دور في التمهيد للثورة الجزائرية ودعمها بلسانه وقلمه.
من مؤلفاته: “مقالات عيون البصائر”، و”بقايا فصيح العربية في اللهجة العامية بالجزائر”، و”أسرار الضمائر في العربية”، ورواية “كاهنة أوراس”، و”شعب الإيمان”، وملحمة “رجزية تبلغ ستة وثلاثين ألف بيت”.