استقلالية زائفة
استقلالية زائفة
هل يُعد الفن “فنًّا” مستقلًّا فعلًا كما يعبر عنه البعض؟ يمكننا أن ندرك فكرة تأثير الفن في مختلف المجالات، لكن كيف يمكن للفن أن يخضع لتأثير مجال فيه وهو “المستقل” “المتسامي” “الحر” وغير ذلك من الشعارات الرنانة؟
نذكر هنا ما يتعلق بسلطة التجارة والاقتصاد، والمؤسسات الأكاديمية كالجامعات والمتاحف، وأخيرًا الثورة التقنية المتمثلة في الإنترنت وتأثيرهم في الفن.
أما عن الاقتصاد فنجد أن الفن يتأثر به صعودًا وهبوطًا بل وعدّه الكاتب كسائر أنواع الاستهلاك التفاخري يعلو في أوقات الوفرة ويذبل في أوقات العسرة، والنظر إليه من هذه الزاوية نظرًا لدخوله في التجارة شراءً ومزايدة ومضاربة واحتكارًا، ويظهر هذا بشكل واضح في مثال الحفلات الموسيقية أو الأوبرا الحصرية التي تستقطب بشكل كبير فئة معينة من المجتمع على قدر لا بأس به من الثراء، وإلا فبم تفسر اقتناء غالبية الأثرياء مقتنيات وتحفًا ولوحات باهظة الثمن، بالطبع ليست هدايا!
وأما عن خضوع الفن للمؤسسات الأكاديمية فهو بغرض الحفاظ على الوظيفة الأساسية للفن، بعيدًا عن المتداول في السوق مما تحبه وتفضله الجماهير، بل وربما يكون الفن في تلك المؤسسات متناقضًا مع المتداول والمدعوم من قبل الدولة ربما كما يذكر الكاتب، الفن في الأوساط الأكاديمية مختلف وممنهج أكثر مما يُرى بعيدًا عنها.
و عن تأثير ظهور الإنترنت في الفن فهو مما لا يختلف عليه اثنان أبدًا، أضفى الإنترنت بما يتمتع به من سهولة، سهولة في نشر الفنون وبشكل مجاني وبعدد كبير بغير تكاليف تُذكر وبعيدًا عن أي رقابة أو احتكار أو تحكمات تجار أو دولة، مما يؤثر بالطبع في أنواع الفنون الأخرى التي اعتادها الناس بشكل عام.
الفكرة من كتاب الفن المعاصر: مقدمة قصيرة جدًا
يُقال إن مصطلح تأثير الفراشة يشير إلى أن الفروق والتغيرات الديناميكية البسيطة التي تكون في بداية الحدث تنتج عنها تغيرات وتأثيرات ونتائج متتالية قد يفوق حجمها الحدث الأصلي وقد يمتد أثرها إلى ما لا يُتوقع!
ويبدو أن ما يشهده العالم من تقلبات سياسية واقتصادية وفكرية اليوم وعلى مدار الزمان تُخضعنا لتأثير الفراشة، فتمتد آثار تلك التقلبات والتطورات لتشمل جوانب عدة من حياتنا لم نكن نتوقع أنها متأثرة بفعل هذا كله، مجالات وجوانب عدة كنا ننظر إلى بعضها مثلًا باعتبارها وسائل ترفيه “بريئة” تتم صناعتها والعمل عليها لإسعادنا فقط، وبعضها صنُع ليسهل مزيدًا من التواصل والتقارب، والبعض الآخر لتلبية احتياجاتنا من الغذاء والدواء، لكن بعد قراءتك لهذا الكتاب ستتغير نظرتك ليس تجاه الفن فقط كما هو عنوان الكتاب ولكن تجاه كل شيء من حولك تقريبًا!
مؤلف كتاب الفن المعاصر: مقدمة قصيرة جدًا
جوليان ستالابراس، محاضر متخصص في تاريخ الفن في معهد الفنون بلندن، إلى جانب كتابه هذا فهو كاتب في العديد من الصحف والمجلات أيضًا، كمجلة Evening standard.
معلومات عن المترجمة:
مروة عبد الفتاح شحاتة، خريجة جامعة عين شمس، قسم اللغة الإنجليزية بكلية الألسن، وحاصلة على دبلوم الترجمة التحريرية من الجامعة الأمريكية بالقاهرة أيضًا، تعمل حاليًّا مراجع ترجمة لدى مؤسسة هنداوي، من الكتب التي ترجمتها أيضًا:
الحركة التقدمية في أمريكا.
الرأسمالية والحرية.
رقصة الظلال السعيدة.