استعراضُ الأعداءِ والهروبُ من الأزماتِ الخانقة
استعراضُ الأعداءِ والهروبُ من الأزماتِ الخانقة
يرى “تشومسكي” أنه حين تسيطرُ على وسائلِ الإعلامِ وتعكسُ المؤسساتُ التعليميةُ والأكاديميةُ آراءَ النخبة، يمكنُ أن تمرِّرَ رسائلك، إلى جانبِ ذلك، تكونُ هناكَ سياسةُ تزييفِ الواقع ِوتمثيلِ الحقيقة؛ فصورةُ العالمِ التي تُقدَّمُ إلى عامةِ الجمهورِ أبعدَ ما تكون عن الحياديةِ والموضوعية، وهي مُعدّةٌ بعنايةٍ لخدمةِ أهدافِ السياسة؛ من خلالِ اختيارِ الخبرِ والمعلومةِ والمشهد، وعادةً ما يتمُّ دفنُ الحقيقةِ تحتَ طبقاتٍ من التزييفِ والأكاذيب.
كما يرى أن برامجَ الإدارات، خاصةً الأمريكية، في السنوات الأخيرةِ؛ لا توجد لديهَا أيّةُ اقتراحاتٍ حقيقيةٍ، بشأنِ ما يجبُ عَمَلُهُ تجاهَ المشكلاتِ الحادة مثل: الصحةِ والبطالةِ والجريمةِ والسجونِ وزيادةِ الديونِ وتدهورِ الحالةِ التعليمية. ويَذكرُ الكاتبُ أن في السنواتِ الأولى من حكمِ بوش، كان هناكَ 3 ملايين طفلٍ تحتَ خط الفقر؛ وهنا تَكمنُ مسؤوليةُ الإعلامِ الأمريكيِّ، وتظهرُ طُرُقُهُ في السيطرةِ على الوضعِ في هذه الظروفِ؛ من خلالِ تشتيتِ الانتباهِ، عن طريقِ إخافةِ الشعبِ من الأعداء، وهذا ما يسمى بـ”استعراضِ الأعداء”؛ وهي استراتيجيةُ تُولَدُ وقتَ الأزمات.
كما يُوضحُ الكاتبُ لنا كيفَ أنَّ الولاياتِ المتحدةَ الأمريكيةِ، تعيشُ أزمةً خانقةً اقتصاديًّا واجتماعيًّا وسياسيًّا؛ ولذلك يجبُ صناعةُ أو إيجادُ عدوٍ بهدفِ توجيهِ الرأيِّ العامِ نحوَه. في المرحلة الأولى؛ كان العدوَّ الروسي، ثم بعد ذلك الإرهابَ العالمي، وحربَ كوبا، وصدام حسين، وفي كل فترةٍ زمنيةٍ ومرحلةٍ سياسية، يتمُّ تزييفُ صورةِ العالمِ وتغييرُ مُجرياتِ الأحداث.
الفكرة من كتاب السيطرةُ على الإعلام
يتناولُ الكتابُ دورَ الإعلامِ في السيطرةِ على الشعوب عن طريقِ صناعةِ الأخطار، وكيف تجعلُ البروباجندا العامةَ من الناس، تنساقُ وراءَ إملاءاتِ السلطةِ الحاكمة؛ لتتحولَ هذه الشعوبُ -مع الوقتِ- إلى دُمىً ساكنةٍ تكتفي بالمشاهدةِ فقط، لا تتفاعلُ مع ما يحدث حولها.
كما يستعرضُ الكاتبُ أيضًا، كيف يستطيعُ الإعلامُ القادرُ تغييرَ الأنظمةِ وإشعالَ الحروبِ، عن طريقِ الترويجِ لأخبارٍ كاذبةٍ لا أساسَ لها من الصحةِ؛ ليُشكِّلَ بها ما يشبهُ الصدمةَ الكبرى، التي تجعلُ المتلقي على استعدادٍ كاملٍ، لتصديقِ أيِّ شيءٍ يُعرضُ عليه.
مؤلف كتاب السيطرةُ على الإعلام
أفرام نعوم تشومسكي؛ أستاذُ لسانياتٍ وفيلسوفٌ أمريكي، وعالمٌ إدراكيٌ وعالمٌ بالمنطق، ومؤرخٌ وناقدٌ وناشطٌ سياسي.
ولد في السابعِ من ديسمبر 1928م ، في فيلادلفيا، بِنسِلفانيا، ويُعد من أبرزِ الفلاسفةِ والمثقفينَ في العصرِ الحديث، وهو أحدً مؤسسي مجالِ العلومِ المعرفية.
كتبَ “تشومسكي” عن الحروبِ والسياسةِ ووسائلِ الإعلام، وهو مؤلفٌ لأكثرِ من 100 كتاب، ولقبَ بـ”أبِ اللغوياتِ الحديثة”، يمكنُ وصفُ سياسةِ كتاباتِه الخاصةِ على نحوٍ واسعٍ أنها فوضويةٌ واشتراكيةٌ تحررية.