استعداد
استعداد
إذا أذَّن الأذان قلنا كما يقول المؤذن إلا في (حي على الصلاة حي على الفلاح) نقول: “لا حول ولا قوة إلا بالله”، فمن قال هذا من قلبهِ دخل الجنة كما أخبرنا رسول الله في الحديث، ثم نقول بعده: “اللَّهُمَّ رَبَّ هذِه الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ، والصَّلَاةِ القَائِمَةِ آتِ مُحَمَّدًا الوَسِيلَةَ والفَضِيلَةَ، وابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الذي وعَدْتَهُ” لننال شفاعته (ﷺ)، ونقول: “أشهدُ أن لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ وأشهدُ أنَّ محمَّدًا عبدُهُ ورسولُهُ رضيتُ باللَّهِ ربًّا وبالإسلامِ دينًا وبمحمَّدٍ نبيًّا”، فمن قال ذلك غفر له ذنبه، ثم نصلي على رسول الله (ﷺ) ونقوم استجابةً للنداء.
يحين وقت الوضوء، وهو عمل ذو منزلةٍ عظيمةٍ وأجرٍ كبيرٍ يغفل عنه الناس؛ فالوضوء طهارة والله يحب المتطهِّرين، وهو باب لمغفرة الذنوب والخطايا حين نحسنه، بل إن من توضأ ثم صلى ركعتين وقد فرغ قلبه لله يُرجى له أن ينصرف من خطيئته كيوم ولدته أمه، والوضوء يعطينا علامةً يعرفنا بها رسول الله (ﷺ) حين نرِد الحوض بإذن الله، وقال رسول الله (ﷺ): “من توضأ فأحسن الوضوءَ ثم قال: أشهد أن لا إله الا اللهُ وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهِّرين، فُتحت له ثمانيةُ أبوابِ الجنةِ، يدخل من أيّها شاءَ”، فهلا قدَّرنا هذه العبادة وأقبلنا عليها؟
ثمَّ نبكِّر إلى الصلاةِ متذكِّرين قول النبي (ﷺ): “لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ ما في النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عليه لَاسْتَهَمُوا، ولو يَعْلَمُونَ ما في التَّهْجِيرِ لَاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ، ولو يَعْلَمُونَ ما في العَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُما ولو حَبْوًا”، والتهجير أي التبكير إلى الصلاة، ويحثُّ الرجال الخطى إلى المساجد يذكرون الله ويقبلون عليه ويتناسون أمور الدنيا، وفي المشي إلى المسجد تكفير للذنوب ونوع من الجهاد في سبيل الله كما يقول ابن رجب (رحمه الله)، ثم يصطفُّ المصلون في المسجد خلف إمامهم كأنهم وفدٌ يدخل على ملك الملوك يتقدمهم أقرؤهم لكتاب الله.
الفكرة من كتاب بوابة الخشوع في الصلاة
للصلاة حلاوةٌ ولذة تفوق لذائذ الدنيا، محرومٌ من لم يذُقها، ولا يعرف المعنى الحقيقي للسعادة والأنس والطمأنينة، ما السبب الذي يمكن أن يحرمنا تلك اللذة؟ الجواب في قول ابن القيم: “وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية (رحمه الله) يقول: “إذا لم تجد للعمل حلاوة في قلبك وانشراحًا فاتهمه، فإن الرب تعالى شكور؛ يعني أنه لا بد أن يثيب العامل على عمله في الدنيا من حلاوة يجدها في قلبه وقوة انشراح وقرة عين، فحيث لم يجد ذلك فعمله مدخول”، ما يعني أننا بحاجةٍ إلى مراجعة أنفسنا، ألسنا نحرص على تجديد كثير من أمور حياتنا وتحسينها مثل البيت والثياب وغيرها؟ فلمَ لا نفعل ذلك مع صلاتنا ونحن نعلم أنها لا تسلم من النقص والخطأ ونشكو قلة الخشوع فيها وقلة حرصنا عليها، إلا من رحم الله؟
مع هذا الكتاب نحاول أن نجدِّد ونُحيي فينا معاني الصلاة وأحوالها، ونعرف معنى الخشوع ونطلب أسبابه، ونسعى للظفر بلذَّتها.
مؤلف كتاب بوابة الخشوع في الصلاة
أحمد بن ناصر الطيار: داعية سعودي، وإمام وخطيب جامع عبد الله بن نوفل بالزلفي، نشط على مواقع التواصل الاجتماعي؛ ينشر عليها خُطبًا وخواطر واقتباسات من كتبه.
له العديد من المؤلفات، منها: “الأنس بالله تعالى”، و”حقوق الصديق وكيف تتعامل معه”، و”الحياة الزوجية السعيدة، قواعد وحقوق وعلاج للمنغصات”، و”صناعة طالب علم ماهر”، و”آداب طالب العلم وسبل بنائه ورسوخه”، و”حياة السلف بين القول والعمل”، و”عبقرية شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله”.