استراتيجية الطاقة لدى بوش
استراتيجية الطاقة لدى بوش
أدرك بوش التأثير الجوهري للنفط في سير الاقتصاد الأمريكي فلم يحاول تغيير الأوضاع، كيلا يؤدي التحول إلى مصادر أخرى من الطاقة إلى تغيير نمط الحياة بشكل قد يدخله في أزمة سياسية إذا قوبل برفض المجتمع الأمريكي، وبالرغم من الدعاوى الظاهرية إلى الالتزام بتخفيض استهلاك النفط، ومحاولة الاكتفاء الذاتي، فإن التعمق في قراءة السياسة القومية الأمريكية يخبرنا أن الحقيقة مناقضة تمامًا لتلك التصريحات، ففي التقارير الرسمية ليس هناك توقعات لتخفيض استهلاك النفط، واقترحت تلك التقارير خطوات من شأنها زيادة الاستهلاك، فجوهر السياسة الأمريكية القومية قائم على التوسع في اقتصاد النفط الأمريكي، إذ تتبرع شركات الطاقة لحملات المرشحين الجمهوريين فيُخرج الأعضاء الجمهوريون بمجلس النواب تقاريرَ ترفض إمكانية ترشيد الطاقة مستقبلًا، أو الاعتماد على وسائل بديلة، فتضمن بذلك استمرار الهدف الخاص بتأمين مصادر النفط الخارجية.
وأدرك صناع السياسة الأمريكية خطورة الاعتماد على منطقة واحدة لتوفير النفط، وأهمية التنوع وزيادة الإنتاج من مناطق أخرى غير الخليج، ولكن هذه الاقتراحات تغفل أن المناطق الأخرى المحتملة تعاني هي الأخرى اضطرابات وأوضاعًا غير مستقرة، فلا تقل توترًا عن الخليج، مثل: بلدان غرب إفريقيا، ومنطقة بحر قزوين، وأمريكا اللاتينية، لهذا ظل أساسيًّا اعتماد إدارة بوش على القوة العسكرية لتأمين النفط ووُضع ضمن خطتها للحرب على الإرهاب في الشرق الأوسط، واندمجت سياسة الطاقة تمامًا في الاستراتيجية الأمنية الأمريكية.
إن الاعتماد الكبير على نفط الخليج يلزم الولايات المتحدة بتحقيق استقرار إقليمي بالمنطقة ورفع مستويات الإنتاج،ومن أجل تحقيق ذلك، اهتمت الولايات المتحدة بتثبيت حكومات موالية لها والإطاحة بالأنظمة المعادية مثل نظامي إيران والعراق، وكان القرار الذي توصلت إليه الإدارة الأمريكية عندما فشلت في السيطرة على النفط العراقي بعد تلك الخطوات، هو غزو العراق، حتى يتم الأمن الذي يضمن لأمريكا القدرة على تشجيع إنتاج النفط العراقي كما في المملكة العربية السعودية، ولكن تبعات الحرب جعلت من العسير على الشركات أن تؤدي عملها ما لم تستقر الأوضاع الداخلية العنيفة بالعراق، وهذا يعيدنا إلى المعضلة نفسها، أن الولايات المتحدة الأمريكية ستجازف بدماء أبنائها من أجل إبقاء قوات عسكرية كبيرة في العراق لضمان الأمن للشركات النفطية وموظفيها، وتحقيق استقرار يشجع جذب الاستثمار.
الفكرة من كتاب دم ونفط.. أميركا واستراتيجيات الطاقة: إلى أين؟
عند النظر إلى كثير من الصراعات والحروب في آسيا وإفريقيا، نجد أن الصراع العالمي في الحاضر والمستقبل هو صراع على الموارد النادرة، وليس كما قال صامويل هنتنجتون | Samuel P. Huntington إنه صراع هويات وحضارات، ومن تلك الموارد: الألماس والأخشاب، ولكن في كثير من الصراعات نرى النفط حاضرًا بقوة، وهو الأقدر من بين الموارد والثروات الطبيعية كلها على إثارة النزاعات والأزمات، وفي هذا الكتاب يحاول مايكل كلير توضيح أسباب اكتساب النفط هذا الحضور الكبير في الأزمات العالمية، وبجانب هذا درس السياسات الأمريكية الخارجية، واستنتج أن النفط -على عكس باقي الموارد- يعامل في الخطاب السياسي الأمريكي الرسمي بصفته مسألة أمن قومي، أي إنه يقع ضمن اختصاص وزارة الدفاع والهيئات المنوطة بحماية المصالح الأمريكية الحيوية.
يتتبع الكاتب تأثير النفط في السياسات الخارجية الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية إلى اليوم، ويتناول الأزمة التي تواجه الولايات المتحدة، من عدم كفاية آبارها، وتزايد استهلاكها، وطلبها على النفط الخارجي، وما تسببه الوسائل التي تلجأ إليها في تأمين هذا النفط، من رفعٍ لمستوى العداء والكراهية تجاه سياستها في الدول المنتجة للنفط.
مؤلف كتاب دم ونفط.. أميركا واستراتيجيات الطاقة: إلى أين؟
مايكل كلير: كاتب أمريكي، يشغل منصب أستاذ الكلية الخامسة لبرنامج دراسات السلام والأمن العالمي في جامعة هامبشير في أمهرست، ويعمل مراسلًا حربيًّا لمجلة (The Nation) ويشارك أيضا في تحرير صحيفة (Current History).
مؤلفاته المنشورة:
السباق للفوز: بما تبقى من خيرات الطبيعة.
All Hell Breaking Loose: The Pentagon’s Perspective on Climate Change
Resource Wars: The New Landscape of Global Conflict
معلومات عن المترجم:
أحمد رمو: مترجم عمل في التدريس، وله عديد من الترجمات منها:
الرقص مع العمالقة: الصين والهند والاقتصاد العالمي.
أسس التعامل والأخلاق للقرن الواحد والعشرين.