استراتيجيات الدول لمواجهة حروب التواصل الاجتماعي
استراتيجيات الدول لمواجهة حروب التواصل الاجتماعي
بعدما استعرضنا الجانب السلبي للشبكات الاجتماعية والتهديدات التي تمثلها، يجب علينا الآن التركيز على كيفية تفادي هذه التهديدات، وفي هذا السياق يمكننا الاستفادة من النماذج الدولية في التعامل مع هذه التهديدات بهدف إيجاد نموذج يضمن حرية وخصوصية الفرد ويحميه من التهديدات.
ففي الولايات المتحدة مثلًا، أنشئ برنامج سري يدعى PRISM بموجب قانون Protect America Act الصادر في عام 2007، بحيث يعمل هذا البرنامج على مراقبة المعلومات على الإنترنت والاتصالات الحية والمعلومات المخزنة التي تخص أشخاصًا محددين داخل الولايات المتحدة وخارجها.
كما تنظم الولايات المتحدة مراقبة التطبيقات الاجتماعية بموجب قانونين آخرين، هما المادة 207 من قانون مراقبة الاستخبارات الخارجية، الذي يخول السلطة لوكالة الأمن القومي الأمريكي لجمع المعلومات الخاصة بالتواصل الإلكتروني من برامج الاتصال عبر شبكة الإنترنت، والمادة 215 من القانون الوطني Patriot Act، الذي يخول السلطة للجمعية الوطنية للأمن القومي لجمع المعلومات الخاصة بالاتصالات الهاتفية من شركات الاتصالات.
وفي بريطانيا، وخصوصًا بعد أحداث الشغب التي شهدتها البلاد في أغسطس 2011، بدأت الشرطة البريطانية في مراقبة مواقع التواصل الاجتماعي باستخدام برنامج يسمى SOCMINT، بهدف التحرك بشكل سريع عند الضرورة، وفي هذا السياق اعتُقِلَ أكثر من 12 شابًّا في إنجلترا واسكتلندا بتهمة استخدام الإنترنت والرسائل النصية للتحريض على الشغب.
أما الصين فقد تميزت في تشديد الرقابة على الشبكات الاجتماعية والإنترنت بشكل عام، وذلك بعد وقوع مصادمات وأحداث عنف في عام 2009 بين مسلمي الإيجور والشرطة في مدينة أورومتشي شمال غرب الصين، وعلى إثر هذه الأحداث أنشأت الحكومة الصينية مشروع جدار نار الصين لحجب مواقع التواصل غير المرغوب فيها، مثل: فيسبوك وتويتر ويوتيوب وبلوجر، بالإضافة إلى محرك بحث جوجل.
ومن ناحية أخرى توفر الصين لمواطنيها مواقع بديلة من المواقع المحجوبة، مثل: محرك البحث بايدو، وموقع يوكو لمقاطع الفيديو، وموقع ويبو للتغريدات القصيرة، وموقع بلوج سينا للمدونات.
الفكرة من كتاب حروب مواقع التواصل الاجتماعي
استطاع الإنسان عبر العصور استغلال البيئة من حوله وفرض نفوذه عليها، بدءًا من الأرض أو الإقليم البري، مرورًا بالبحر أو الإقليم البحري، ومع التطور التكنولوجي، تمكن الإنسان من استغلال بيئة طبيعية أخرى وهي الجو أو الإقليم الجوي، ومع القفزة التكنولوجية المذهلة في عالم الطيران والصواريخ، أمكن استغلال بيئة طبيعية جديدة وهي الفضاء الخارجي.
وبظهور الإنترنت وبزوغ عصر المعلومات، ظهرت لدينا بيئة جديدة وهي الفضاء الإلكتروني، ولكنها تختلف عن سابقتها في أنها ليست طبيعية، بل هي بيئة من صنع الإنسان، ولكنها تتمتع بخصائص تميزها، كسهولة استخدامها وانخفاض تكلفتها، فمن يمتلك آليات توظيف هذه البيئة الإلكترونية الجديدة سيصبح الأكثر قدرة على التأثير في سلوك المستخدمين لتلك البيئة
وفي هذا الكتاب، سنتناول الإجابة على بعض الأسئلة التحليلية، مثل: ما هو الفضاء الإلكتروني؟ وكيف أثر ذلك المفهوم في تحولات القوة وأشكال الحروب بين الدول؟ وما أدوات القتال في تلك الحروب؟ وما معايير الانتصار؟ وكيف يمكن لدولة أن تتعامل معها؟
مؤلف كتاب حروب مواقع التواصل الاجتماعي
إيهاب خليفة: هو رئيس قسم التطورات التكنولوجية بمركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة في أبو ظبي، وباحث دكتوراه في إدارة المدن الذكية، وباحث سابق بمجلس الوزراء المصري.
تخرج في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة عام 2009م، ونُشر له عديد من الأبحاث العلمية باللغتين العربية والإنجليزية، حول الحروب السيبرانية، والتهديدات والتحديات الناجمة عن الاعتماد المتزايد على تقنيات الذكاء الاصطناعي.
نُشر له كتابان آخران هما:
القوة الإلكترونية، كيف يمكن للدول أن تدير شؤونها في عصر الإنترنت؟
مُجتمع ما بعد المعلومات.