استخدام الدولار كسلاح، وهل في مقدور الولايات المتحدة أن تستعيد سيطرتها؟

استخدام الدولار كسلاح، وهل في مقدور الولايات المتحدة أن تستعيد سيطرتها؟
خلال العقود الأخيرة بدأت الثقة بالولايات المتحدة الأمريكية تتآكل بسبب استخدامها الدولار كسلاح في وجه الدول الأخرى، كفرضها عقوبات على إيران لعزلها عن العالم، ومعاقبة أي جهة تتعامل معها بغرامات بملايين الدولارات، وفي الوقت الحالي تستخدم الدولار أيضًا كسلاح ضد روسيا بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، إن استخدام الدولار كسلاح يشكل حافزًا للدول لتقليل الاعتماد عليه، وهو ما يشكل ضربة للاقتصاد الأمريكي نتيجة انخفاض الطلب على الدولار، كما توجد بعض الأصوات المؤثرة التي تنادي بالتوقف عن استخدام الدولار بصفته عملة احتياطية عالمية بسبب استخدام الولايات المتحدة له كسلاح.

يتضح من خلال الواقع أن الولايات المتحدة تلعب الدور نفسه الذي لعبه الاتحاد السوفيتي بأسلوبها الذي أصبح عقائديًّا جامدًا غير عقلاني، فهي الآن متورطة في صراعات غير ضرورية تستنزف مواردها وتستهلك اقتصادها، بينما في المقابل تلعب الصين الدور نفسه الذي كانت تلعبه الولايات المتحدة في الحرب الباردة، فلو كانت الولايات المتحدة عقلانية لأنفقت أقل على الدفاع، ومن مصلحة الصين أن يستمر هذا الإنفاق غير العقلاني على أسلحة لن تُستخدم أبدًا ضد الصين، وتتضح عقلانية الصين في قرارها بعدم زيادة مخزونها الاستراتيجي من الأسلحة النووية، إذ رأت أن امتلاكها 280 رأسًا نوويًّا كافٍ لردع الولايات المتحدة والغرب عن أي عمل عدائي ضدها، بينما الولايات المتحدة التي تمتلك 6450 رأسًا نوويًّا ليست لديها القدرة على تقليل عدد الأسلحة النووية وتقليل إنفاقاتها العسكرية.
وبناءً على ما سبق، حتى تستطيع الولايات المتحدة استعادة قوتها ومكانتها، يجب عليها التقليل من إنفاقاتها العسكرية، والامتناع عن الدخول في صراعات استنزافية غير ضرورية، والانسحاب من جميع التدخلات العسكرية في الدول الإسلامية التي يفصل بينها وبين الولايات المتحدة المحيطان الهادئ والأطلسي، وتعزيز القدرات الدبلوماسية بدلًا من كل ذلك، ففي الماضي كان مبرر الولايات المتحدة للتدخل في الشرق الأوسط هو حاجتها إلى النفط، أما اليوم فهي تصدره، ومن ثم فإن نشرها للقوات الأمريكية في الشرق الأوسط لا يخدم أي مصلحة وطنية حقيقية، ومع ذلك يوجد إجماع لدى صناع التفكير الاستراتيجي الأمريكي على إبقاء الوجود الأمريكي في العالم الإسلامي، وهذا الموقف المحير ليس له إلا تفسير وحيد، هو الاعتقاد بأن انسحاب الولايات المتحدة من العالم سوف يحوله إلى غابة وحشية، وهي نظرة فوقية مُهينة لسبعة مليارات شخص يعيشون خارج الولايات المتحدة الأمريكية.
الفكرة من كتاب هل انتصرت الصين؟ التحدي الصيني للسيادة الأمريكية
يستعرض الكاتب الصراع بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين على الهيمنة على العالم، ويبين أن الصراع حتى وقت قريب كان اقتصاديًّا وسياسيًّا، لكنه في الآونة الأخيرة أصبح يأخذ منحًى جديدًا تَمَثَّل في سباق تكنولوجي غير مسبوق بين الدولتين، ويكشف الكتاب بشكل موضوعي السياسة الخارجية للبلدين، والسياسة الخارجية لكل بلد تجاه الآخر، كما يبين أننا في خضم حرب باردة ثانية
لكنها ليست أيديولوجية كما كانت بين أمريكا والاتحاد السوفيتي، بل حرب باردة سلاحها التكنولوجيا العالية التقنية، إلى جانب التنافس على القيم السياسية، فالصين تولي اهتمامًا لمبدأ الكفاءة في الحكم، وهو نموذج أصبح له رواج حول العالم، على عكس الغرب الذي يتبنى الديمقراطية التمثيلية.
مؤلف كتاب هل انتصرت الصين؟ التحدي الصيني للسيادة الأمريكية
كيشور محبوباني: بروفيسور سنغافوري وعميد كلية لي كوان يو للسياسة العامة التابعة لجامعة سنغافورة الوطنية، شغل منصب وزير خارجية سنغافورة، ومنصب ممثل سنغافورة الدائم في الأمم المتحدة ورئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة. من مؤلفاته:
هل يستطيع الآسيويون التفكير؟ فهم الهوة بين الشرق والغرب.
ما بعد عصر البراءة، إعادة بناء الثقة بين أمريكا والعالم.
نصف العالم الآسيوي الجديد: التحول الحتمي للقوة العالمية نحو الشرق.
معلومات عن المترجمات:
أسماء سيد عبد الخالق، ودينا أسامة السيد، وسمر عبد الله عطوة، ومنى هاني محمد، وهدير حسن أبو زيد، جميعهن من قسم البحوث والدراسات.