استحثاث الوعي
استحثاث الوعي
لا تعتمد ساتياغراها على اللاعنف فحسب لكن أيضًا عدم الإكراه؛ فمن ضمن وسائلها مثلًا: الإضراب عن الطعام الذي يمكن أن نعده نوعًا من الإكراه، لكن غاندي يدافع بأن الإضراب الذي لا حظَّ للنفس فيه ويهدف فقط إلى صالح الآخرين ليس فيه إكراه خلافًا للإضرابات المتسمة بالأنانية التي يكون الغرض منها مصلحة شخصية، مثل أن يُضرب والد عن الطعام لمنع ابنه من تعاطي الكوكايين مقابل أن يضرب الابن عن الطعام ليجبر أباه على شراء سيارة له.
لكنَّنا في الحياة العملية لا نرى أن الأمر بهذه البساطة كما يحكيها غاندي، لأن المسيء وإن وافق على مشروعية الإضراب فقد يعده إكراهًا له ولو ظنَّ المُضرِب أنه يقدم عملًا صالحًا، وغاندي يقر بأن الفاصل بين نكران الذات والأنانية خيط رفيع، ويمكن لسلاح الإضراب أن يساء استخدامه، وقد كانت موافقة غاندي في بعض الأحيان على الدخول في إضرابات مدفوعة بالمصالح الذاتية.
ومن أسلحة ساتياغراها أيضًا الإضراب عن العمل أو ما يسميه غاندي “عدم التعاون” وإن كان هذه المبدأ فيه إكراه ويعرقل سير المجتمع، فإن خسارة الراتب والعقوبات التأديبية تجعل الأمر ينطوي على معاناة ذاتية تسمو به عن الإكراه، وهكذا جوهر عقيدة غاندي هو القوة التحويلية للمعاناة لإبراز الكرامة الإنسانية وإحياء الضمير النائم واستحثاث الخيرية المتأصلة في البشر.
الفكرة من كتاب ماذا يقول غاندي؟ عن اللاعنف والمقاومة والشجاعة
يتناول هذا الكتاب الموجز مذهب المناضل الهندي المهاتما غاندي في المقاومة اللاعنفية بجانب نظرته إلى الحياة السياسية والاجتماعية التي ينبغي أن تكون عليها الهند، ويسلِّط الضوء على مدى جدوى هذا النوع من المقاومة سواء في ذاتها أم في سياقها التاريخي بتحليل دقيق وعين خبيرة.
مؤلف كتاب ماذا يقول غاندي؟ عن اللاعنف والمقاومة والشجاعة
نورمان جاري فينكلستاين: كاتب وناشط سياسي يهودي أمريكي، وأكاديمي متخصِّص في العلوم السياسية، واشتهر بمساندة القضية الفلسطينية ورفض استغلال الصهاينة للمحرقة النازية لجذب التعاطف العالمي والتغطية على جرائم الإبادة الإنسانية ضد الفلسطينيين، وقد تسبَّب ذلك في رفض طلبه للتثبيت الأكاديمي في جامعة دي بول ووضعه في إجازة إدارية عام 2007، مما دفع نورمان إلى تقديم استقالته.
من أهم مؤلفاته: “صناعة الهولوكوست: تأمُّلات في استغلال المعاناة اليهودية”، و”إسرائيل، فلسطين، لبنان: رحلة أمريكي يهودي بحثًا عن الحقيقة والعدالة”، و”ما يفوق الوقاحة: إساءة استخدام اللاسامية وتشويه التاريخ”.