اختبارات أُحُد
اختبارات أُحُد
ثم حانت غزوة أُحد التي كانت إعدادًا ربانيًّا لهذا الصحابي ومحطة أساسية في سيرته؛ في الطريق إلى أُحد كان أول إعلان بيِّن وخطير للمنافقين عن أنفسهم حين انخذلوا عن رسول الله ﷺ وعادوا أدراجهم إلى المدينة قُبيل لقاء المشركين؛ ما زعزع النفوس لولا أن ثبتها الله، وفي تلك الغزوة نزل اليمان وصاحبه ثابت بن وقش من الآطام بعدما رُفعا إليها مع النساء والصبيان وكبار السن، وبعد أن نزل الرُماة وحدث اختلاط شديد، قُتل ثابت بأيدي المشركين، وقُتل اليمان خطأً بأيدي المسلمين بمرأى ابنه حذيفة! وتروي أمنا عائشة ذلك الموقف قائلةً: “لَمَّا كانَ يَوْمُ أُحُدٍ، هُزِمَ المُشْرِكُونَ هَزِيمَةً بَيِّنَةً، فَصاحَ إبْلِيسُ: أيْ عِبادَ اللَّهِ أُخْراكُمْ، فَرَجَعَتْ أُولاهُمْ علَى أُخْراهُمْ، فاجْتَلَدَتْ أُخْراهُمْ، فَنَظَرَ حُذَيْفَةُ فإذا هو بأَبِيهِ، فَنادَى أيْ عِبادَ اللَّهِ أبِي أبِي، فقالَتْ: فَواللَّهِ ما احْتَجَزُوا حتَّى قَتَلُوهُ، فقالَ حُذَيْفَةُ غَفَرَ اللَّهُ لَكُمْ، قالَ أبِي: فَواللَّهِ ما زالَتْ في حُذَيْفَةَ مِنْها بَقِيَّةُ خَيْرٍ حتَّى لَقِيَ اللَّهَ (عزَّ وجلَّ)”، نعم، ما كان رده إلا “غفر الله لكم” في ثباتٍ ورضا! بل ولما أراد النبي (ﷺ) أن يدفع له الديَّة تطييبًا لخاطره تصدَّق بها على المسلمين.
لقد رأى حذيفة في تلك الغزوة شيئًا من الفتنة التي ستُبتلى بها الأمة، ورأى خبث المنافقين، لنجد له اهتمامًا خاصًّا بعلم الفتن وبالمنافقين الذين تفرَّد عن سائر الصحابة بمعرفة أمور عنهم وبعلم القلوب الذي يرتبط بما سبق ارتباطًا وثيقًا.
الفكرة من كتاب حذيفة بن اليمان في ظلال التربية النبوية
نعيش مع الكتاب سيرة الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان (رضي الله عنه)، ونراه مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم): كيف يعلمه ويربيه، ثم نرى كيف عمِل بعلمه وكيف واجه الفتن.
مؤلف كتاب حذيفة بن اليمان في ظلال التربية النبوية
محمد حشمت: باحث دكتوراه وكاتبٌ ومحاضر، حصل على ليسانس اللغة العربية والعلوم الإسلامية من كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، ثم حصل على ماجستير العقيدة الإسلامية من كلية العلوم الإسلامية بجامعة ميديو في ماليزيا.
من مؤلفاته: “نظرية الدين والتديُّن: الفهم والوهم”، و”الخلاصة في علم مصطلح الحديث”، وسلسلة “في ظلال التربية النبوية” التي تضم الكتاب الذي بين أيدينا وكتبًا عن صحابة آخرين منهم “خوَّات” و”كعب بن مالك” و”الرميصاء” (رضي الله عنهم جميعًا).