احتياج جديد
احتياج جديد
كنا نتساءل عما يحتاج إليه آسر فعلًا، فكان أول عنصر أن نفهم طبيعة اضطرابه جيدًا. والآن ماذا سيكون العنصر الثاني الذي يحتاج إليه؟ الاحتياج الجديد والمهم جدًّا لآسر هو الاهتمام والدعم وإظهار التعاطف والحب والتفهم، ويتحقق ذلك من خلال أب لا تلهيه انشغالات العمل عن مجالسة طفله والاهتمام بشأنه والحرص على التواصل معه بالطريقة التي تناسبه، وذلك لأن ما يكتسبه الطفل تلقائيًّا من الأب بالمحاكاة والتقليد قد يستغرق منه عدة أسابيع ليتعلمه في مراكز التأهيل، وعلى الأب أيضًا أن يظل حاضرًا عند اتخاذ القرارات والذهاب إلى الأطباء والمراكز وتنفيذ المهام المطلوبة داخل البيت وألا يلقي العبء كاملًا على الأم.
والأم لها دور محوري في تلبية هذا الاحتياج، بل إنه لا يُلبى دون دورها في متابعة نمو طفلها منذ شهوره الأولى، وأن تنتبه لأي تغير يطرأ عليه وتسعى عند ذلك لطلب المشورة من أهل التخصص وليس من العائلة والزملاء والإنترنت، وكذلك بتوجيه الوقت والجهد المناسبين للطفل وألا يأتي عملها خارج المنزل على حساب دورها مع أسرتها، وأن تسعى لتحسين تواصلها معه وتشجعه على التواصل السمعي والبصري والإنتاج الصوتي وفهم الإشارات، ومن الضروري للأم أن تعلم أن أي مركز تأهيل مهما كان جيدًا لن يحقق تقدمًا حقيقيًّا إلا بتعاون الأسرة وتنفيذها للمهام المطلوبة، إلى جانب اتباع الجرعات الدوائية بانتظام وعدم الزيادة عليها أو إنقاصها دون الرجوع للطبيب، كل هذا مع الاهتمام بتقديم حمية غذائية تناسب اضطراب الجهاز الهضمي عند الطفل، وتشجيعه على ممارسة رياضة مناسبة.
ولا تقتصر المسؤولية على الأب والأم فقط، بل إن لباقي أفراد العائلة وكذلك الجيران دورًا كبيرًا وهو الحرص على أن تكون تدخلاتهم إيجابية ولها حدود، وألا يتقدموا بنصائح خاطئة أو يشاركوا برأيهم في جوانب ليس لهم فيها اختصاص أو معرفة، فقد يعطل ذلك مسار الطفل ويضيع عليه أيامًا بل وسنوات كان الأولى أن يتلقى فيها علاجًا مناسبًا بدلًا من السير وراء قول هذا وذاك، ومن المهم أيضًا ألا يقارنوا طفل الطيف التوحدي بأي طفل آخر، وألا يتهموا الوالدين بالتقصير في حقه، وأن يمنحوا الطفل مساحة لمشاركة أولادهم اللعب بدلًا من تجنبه، فهذا من أعظم ما ينمي مهاراته الاجتماعية ويطور شخصيته.
الفكرة من كتاب أيامي مع التوحد: حكاية إرشادية للأمهات
التوحد! ما معنى هذه الكلمة؟ هل هو اضطراب نفسي؟ وما علامات هذا الاضطراب؟ وكيف يكون الشخص المصاب به؟ هل يعيش بشكل طبيعي؟ وكيف تكون حال أسرته؟ ثم يا تُرى ما احتياجاته؟ وهل يمكن أن يجد هذه الاحتياجات ذات يوم ويحظى بحياة جيدة؟ كل هذه الأسئلة وأكثر سنجيب عنها من خلال رحلتنا مع “آسر”، الذي سنصحبه في مشواره مع التوحد منذ أيامه الأولى.. فإذا أردت يومًا أن تخوض رحلة تشعرك بإنسانيتك وتثير فيك العطف والرحمة والتفهم، فلن تجد فرصة أفضل من هذه.
مؤلف كتاب أيامي مع التوحد: حكاية إرشادية للأمهات
أحمد البكري: حاصل على ماجستير اضطرابات النطق والتوحد، وباحث دكتوراه في اضطراب الطيف التوحدي، ولديه مركز خاص بتأهيل أطفال التوحد وذوي الاحتياجات الخاصة.