احتكار الديمقراطية.. جوجل تنتخب
احتكار الديمقراطية.. جوجل تنتخب
استطاعت جوجل أن تناور وتفلت من القضاء طوال الأعوام الماضية في الادعاءات التي تعلقت بالمعلومات الشخصية والاستيلاء على كلمات مرور وأرقام خاصة بالمستخدمين، بحجة أن هذه المعلومات غير هامة أو أن المستخدمين قد منحوها بمحض إرادتهم، وفي الغالب انتهت الأمور بالقليل من التعويضات والملايين من الدولارات ثم الإطاحة ببعض أكباش الفداء، لكن يبدو أن قدرات محرك البحث أخذت تُقلق المطلعين على السياسة العالمية، وبدأت الأصابع تتوجه نحو جوجل، ماذا لو كانت تستطيع التأثير في نتائج الانتخابات أو إذا كانت قد أثرت فيها بالفعل؟ يبدو الموضوع تقنيًّا في غاية البساطة، رصد المرشح الذي يخدم طموحات جوجل وصاحب الشعبية المناسبة في استطلاعات الرأي، ثم التركيز على الناخبين الحيارى، من لم يحددوا مرشحهم بعد، وإغراقهم بنتائج بحث متسقة ومفصلة على خصائصهم تُعلي من شأن هذا المرشح، وفي حالات احتدام المنافسة، حين يتوقف الفوز على بضعة آلاف من الناخبين، سيكون على هؤلاء المرشحين التنافس لكسب ود جوجل.
يمكننا التفكير بحسن نية والاستماع لقادة جوجل حين برروا ما حدث في إعادة انتخاب الرئيس “باراك أوباما” عام 2018م، بأنه -وبمحض الصدفة- فضلت الخوارزمية نتائج البحث الخاصة بالرئيس، وقدمتها إلى زبائنها الضالين مما أحدث الفارق لصالح أوباما في الأيام الأخيرة قبل بدء الاقتراع، لكن هذا لا يبعث على أي اطمئنان، فالتأثير قد حدث بأي حال.
بالطبع يمكن لأي محرك بحث آخر فعل المثل وتفضيل نتائج البحث الخاصة بمرشحين آخرين، لكن -في الوقت الذي تحتكر وتسيطر جوجل على مفاصل الويب بالكامل- لن يستطيع أحد الوقوف أمام تفضيلاتها، كذلك لا يمكن حسم ما إذا كان هذا التلاعب حدث أم لا، لأن جميع المستخدمين سيرون النتائج نفسها، لكن حسب ترتيب وتصنيف الخوارزمية، ومع تزايد عدد الناخبين الذين يستقون معلوماتهم من الإنترنت، من الممكن أن يكون الرئيس القادم في أي مكان من العالم قرارًا تحدده الخوارزميات وأجهزة الكمبيوتر.
الفكرة من كتاب ملف غوغل
عند الحديث عن الشركات الأمريكية العملاقة، فلا داعي لذكر هيمنتها على القطاعات التي تعمل بها، لكن تأتي جوجل في مقدمة هذه الشركات بهيمنة مطلقة على بترول العصر الحديث، فلم يتوقف الأمر عند جمع البيانات وتصنيفها فقط، لكن قدرة جوجل على إزاحة منافسيها والإفلات من الرقابة والمحاسبة أصبحت واضحة، لقد أصبح محرك البحث إمبراطورية لا يغيب عنها شيء.
تلك الرومانسية التي رافقت جوجل في البدايات رضخت لقوانين السوق في النهاية، لكن المؤسسين لم يخفوا عنا أية نيات، لقد قالوا إن بغيتهم تغيير العالم، ولم نهتم بالسؤال كيف سيغيرونه، يوضح الكتاب إلى أي مدًى أصبحت جوجل نافذة ومطلعة على حياتنا اليومية، وتأثيرها في السياسة الأمريكية العالمية، إن جميع إنجازات ومنتجات العصر الرقمي تضعنا أمام خيار الرفاهة وتلبية الاحتياجات، مقابل تحويلنا إلى بشر زجاجيين لا يسترهم شيء.
مؤلف كتاب ملف غوغل
تورستن فريكه: وُلد عام 1963م، وتخرج في قسم الصحافة بجامعة ميونخ في ألمانيا، عمل نائبًا لرئيس تحرير صحيفة “Die Abendzeitung”، وكان الناطق الرسمي لشبكة Premiere ثم لشبكة Sky.
أولريش نوفاك: وُلد عام 1961م، درس الأدب الألماني وعمل محررًا وخبير تسويق لعديد من وسائل الإعلام، كما عمل استشاريًّا للعلاقات العامة في عديد من الشركات.
معلومات عن المترجم:
عدنان عباس علي: باحث ومترجم، وُلد بالعراق عام 1942م، وحصل على الدكتوراه في العلوم الاقتصادية من جامعة فرانكفورت عام 1975م، عمل أستاذًا في عديد من الجامعات العربية، من مؤلفاته:
تاريخ الفكر الاقتصادي.
التحليل الاقتصادي بين الكنزيين والنقديين.
ومن ترجماته:
صندوق النقد الدولي: قوة عظمى في الساحة العالمية.
نهاية عصر العولمة.
الرخاء المفقر.