اجتياح الغرب الحديث للعالَم
اجتياح الغرب الحديث للعالَم
يوضح غينون كيف يقوم الغرب باجتياح كل شيء، سواء من خلال الاستعمار والغزو، أو من خلال التجارة والاستيلاء على موارد الآخرين، وبينما لم يستطع الاستعمار سوى التحكُّم بالأجساد ولم تتعدَّ آثاره المجال السياسي والاقتصادي، فإن التغريب والابتعاث استطاعا التأثير في عقول بعض الشرقيين وجعلهم معادين للتقليد، فقد تأثر بعض الشرقيين اليوم بالغرب وهجروا تقاليدهم بسبب التعليم الذي حصلوا عليه في الجامعات الأمريكية والأوروبية، وبالتالي أصبحوا غربيين من جهة العقلية، ويرجع السبب الوحيد في تأثرهم بالغرب إلى جهلهم بالعقائد التقليدية، وعلى الرغم من أن هؤلاء الشرقيين “المتغربين” يمثلون حالات فردية، فإن الغربيين يعتقدون أن هؤلاء الأفراد يمثلون الشرق، ولذلك يرى الكاتب أن الناس في الغرب لا يعرفون الشرقيين الحقيقيين.
في نفس الوقت الذي يقوم الغرب باجتياح العالم والسيطرة عليه، يستغرب غينون من هؤلاء الذين يعتبرون نفاذ بعض الأفكار الشرقية إلى الغرب يمثل خطرًا عليهم يجب التصدي له، ولذلك يقوم بتوجيه نقد لاذع لـ”هنري ماسي” مؤلف كتاب “الدفاع عن الغرب”، فغينون يرى أن من اللازم إصلاح الغرب لا الدفاع عن الغرب أو معاداة الشرق.
ويشير غينون إلى أن الغرب يفرض هيمنته من خلال إعلاء شعارات مثل “المساواة” و”الحرية” و”القانون” ويمنع الآخرين من التفكير بخلاف ذلك، ولم يعد في الغرب سوى صنفين من الناس: السذَّج الذين ينخدعون بهذه الشعارات ويؤمنون أنهم أصحاب رسالة تحضُّرية للعالم، والأذكياء الذين يستغلون عقلية السذَّج لتحقيق مصالحهم.
الفكرة من كتاب أزمة العالم الحديث
يناقش غينون الأزمة التي يمر بها العالم الحديث، ويشير إلى أن سبب هذه الأزمة يتلخَّص في الانقطاع عن التراث والجوانب الروحية، ففي هذا الكتاب، يركِّز غينون على التدهور الذي أنتجه العقل الغربي الحديث في مجالات العلوم والفلسفة والاجتماع والسياسة، ويعرض نماذج من هذا التدهور الذي يظهر في: العلم الدنيوي، والفردانية، والفوضى الاجتماعية، وغيرها، كما يشير الكاتب أيضًا إلى وجهة نظره في كيفية الخروج من هذه الأزمة.
مؤلف كتاب أزمة العالم الحديث
رينيه غينون: كاتب ومفكر فرنسي وُلد في نوفمبر عام 1886، تأثَّر بالعقائد الشرقية وعلى رأسها الصوفية، اعتنق الإسلام عام 1912 وسمى نفسه “عبد الواحد يحيى”، ذهب إلى الجزائر عام 1917 حيث درَّس الفلسفة في إحدى الجامعات هناك، ثم سافر إلى مصر عام 1930 حيث استقر فيها وحصل على جنسيتها وتوفي فيها عام 1951.
من أشهر مؤلفاته: “الشرق والغرب”، و”هيمنة الكم وعلامات آخر الزمان”.
معلومات عن المترجمين:
عدنان نجيب الدين: باحث أكاديمي ومترجم وأستاذ الفلسفة المعاصرة في الجامعة اللبنانية، ولد عام 1951 في بيروت، عمل في مجال التعليم وحاضر في الفلسفة والترجمة.
والشيخ جمال عمَّار