اتصال المؤدِّي خارج الشخصية
اتصال المؤدِّي خارج الشخصية
في أثناء تقديم الأداء يعمل أفراد الفريق على البقاء في الشخصية، وقمع أُلفة الكواليس حتى لا ينهار التفاعل، وعند عودتهم إلى الكواليس حيث لا يراهم الجمهور أو يسمعهم، يلجؤون عادة إلى الانتقاص من قدر الجمهور بأسلوب يتنافى مع ما كانوا يقدمونه أمامهم وجهًا لوجه، وتوجد طريقتان للانتقاص من قدر الجمهور، الطريقة الأولى في الانتقاص من قدر الجمهور هي عندما يكون المؤدّون في المنطقة التي يظهر فيها الجمهور ويكون الجمهور قد غادر المكان، ومثال ذلك سخرية بعض البائعين من الزبائن الذين عُوملوا باحترام في أثناء تقديم الأداء بعد مغادرتهم للمتجر، والطريقة الثانية في الانتقاص من قدر الجمهور الغائب هي الاختلاف بين مفردات المخاطبة ومفردات الإشارة، ففي حضور الجمهور يميل المؤدون إلى استخدام لغة خطاب محببة إليهم، وعند مغادرتهم يستخدمون إشارات وتعابير تستخف بهم وتحط من قدرهم، وهذا يُشير إلى أن الجمهور يُعامل بطريقة حسنة في حضوره ليس من أجله، بل من أجل الحفاظ على التفاعل، بينما يُعامل بطريقة سيئة في غيابه لرفع الروح المعنوية للفريق.
بيد أنه في أثناء التفاعل يمكن لأحد أعضاء الفريق أن ينقل ملاحظاته للأعضاء الآخرين بطريقة سرية تتنافى مع الأداء ودون أن يدرك الجمهور ذلك، في ما يسمى “تواطؤ الفريق” من أجل التحرر من قيود الشخصية، ومثال ذلك الشركة التي بها موظفون متعددو الجنسيات، فيستخدم بعض الموظفين لغتهم غير المعلومة للآخرين في تواصلهم وتواطئهم بعضهم مع بعض، ويوجد نمط آخر هو “التواطؤ الهازئ” الذي يتضمن انتقاصًا خفيًّا من قدر الجمهور، بينما الجمهور يمدح الأداء، ويكون ذلك بين المؤدِّي ونفسه، ومثال ذلك قيام بعض الطلبة بإخراج ألسنتهم عندما يصبح المدرِّس في وضع لا يمكنه أن يراهم فيه.
بيد أن أعضاء الفريق قد لا يكتفون بهذه الأساليب للتحرر من قيود الشخصية، ومن ثمَّ قد يلجؤون إلى طرائق علنية يسمعها الجمهور، لكنها لا تهدد تكامل الفريق أو المسافة الاجتماعية الفاصلة بينهم وبين الجمهور، وتتخذ هذه الأساليب صورة الاصطفاف غير الرسمي المؤقت، ويتمثل ذلك في التواصل بالتوريات والتلميحات والنكات والمزاح، إلى جانب المجاملات والمديح الذي يراد به العكس، وفي هذه الحالة يمكن للمتواصل أن ينفي عن نفسه أنه أراد أي شيء بفعله، كما للمصطفين أيضًا الحق في التعامل كأنه لم ينقل إليهم شيئًا، تمكِّن فاعلية هذا الأسلوب في سيطرة الخاضع على اتجاه التفاعل بطريقة غير رسمية عن طريق الكلام المراوغ، ومثال ذلك تحدث المرؤوس في أمور خارج صلاحياته في أثناء التفاعل مع مرؤوسيه دون أن يُعرِّض نفسه للخطر بسبب اختلاف المكانة.
الفكرة من كتاب تقديم الذات في الحياة اليومي
يُبين المؤلف في هذا الكتاب الطرائق والأساليب التي يُدير بها البشر صورهم وانطباعات الناس عنهم، واعتمد في بيان ذلك على مبادئ دراماتورجية خاصة بفن التأليف المسرحي، فالممثل وهو الطرف الأول على خشبة المسرح، يقدم نفسه في هيئة شخصية مسرحية ضمن طرف ثانٍ وهم الشخصيات المسرحية التي يقدمها ممثلون آخرون، ويُشكل الجمهور طرفًا ثالثًا في هذا التفاعل، وهو طرف أساسي، لكن في الأداء المسرحي الواقعي لا يكون الجمهور طرفًا في الأداء، إذ تُضغط الأدوار الثلاثة في دورين فقط يمثلهما المؤدِّي والآخرون الذين يشاركونه الأداء.
مؤلف كتاب تقديم الذات في الحياة اليومي
إرفنج غوفمان: هو عالم اجتماع وعالم نفس كندي، وأحد أكثر علماء الاجتماع تأثيرًا في القرن العشرين، شغل منصب الرئيس الثالث والسبعين للجمعية الأمريكية لعلم الاجتماع، وكان عضو هيئة التدريس بقسم علم النفس بجامعة كاليفورنيا وجامعة بركلي، من مؤلفاته:
ملاذات.. مقالات عن الوضع الاجتماعي للمرضى العقليين وغيرهم من النزلاء.
تحليل الإطار.
أشكال الكلام.
معلومات عن المترجم:
ثائر ديب: هو مترجم وطبيب سوري، تخرج في كلية تشرين بسوريا، ومتفرِّغ كليًّا للعمل في الترجمة والمجال الثقافي، شغل عضوية الهيئة الاستشارية لسلسة “ترجمان” الصادرة عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، وعمل في الهيئة السورية للكتاب، وهو عضو جمعية الترجمة في اتحاد الكتاب العرب، من ترجماته:
فكرة الثقافة.
بؤس البنيوية.
العلاج النفسي بين الشرق والغرب.