إيَّاك نستعين
إيَّاك نستعين
إن الهدف من إزالة الصنم هو أن تكون أنفسنا في أعيننا صغيرة، وأن نستصغر ما نقدمه من أعمال، فنعمل العمل الصالح ونستغفر بعده، ويعظم قدر الله (عز وجل) عندنا، ونربط كل نعمة وتوفيق به سبحانه، فلا ننسب أي فضل إلى أنفسنا. والعُجب من الأمراض التي يصعب علاجها، فنفس كلٍّ منا محبوبة لديه، لكن يكفينا خطورة هذا المرض لنستعين بكُل الوسائل المُعينة على التخلُّص منه، وأقوى هذه الوسائل الاستعانة بالله وطلب العلاج منه سبحانه، فالله (عز وجل) هو الشافي لكل ما يمكن تصوره من أمراض، يقول تعالى في الحديث القُدسي: “يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته، فاستهدوني أهدكم”، ولنعلم جميعًا أن الإمداد بحسب الاستعداد، فنشُدَّ من عزمنا، ونصدق نياتنا.
ومن رحمته سبحانه أنه قد يُخلِّي بين عبده وبين الذنب، فحين يقع فيه يستصغر نفسه، وينكِّس به رأسه، فيُستخرج منه داء العُجب والكبر، وهذا لا يعني أن يستمرئ العبد الذنب، ويفرح به، بل هو دواء مُر له علاج نافع بإذن الله، فعلى العبد أن يُحسن الفَهم عن الله فيما يرسله من آيات ورسائل، فقد يضع (سبحانه وتعالى) في طريق العبد من يشعره بنقصه وضآلة حجمه، كما أنه سبحانه قد يُيسِّر من يقوم بالعمل وقت غيابه على أحسن وجه وأفضل بكثير من أدائه هو له، ليُبيِّن له عدم توقُّف أعمال البر على نفسه.
وبهذا يتعرَّف العبد أنه لا حول ولا قوة له إلا بالله، فيبدأ في التعرُّف على ربِّه، فهو الغني الحميد، ومن خلال تلك المعرفة تترسخ لديه حقيقة أن الله غنيٌّ عن الإنسان وعن عبادته، كما أنه سبحانه القيُّوم، فهو القائم على كل شيء في الحياة، وقائم على هداية الإنسان وعصمته من الفجور، فحين يتيقَّن العبد بهذه الصفات يدوام على الاستعانة بالله ويحسن التوكل عليه في كل ما يريد القيام به.
الفكرة من كتاب حطم صنمك وكن عند نفسك صغيرًا
إن التربية الإيمانية لها أثر فعَّال في دفع المرء للقيام بأعمال البر، فكلما ازداد الإيمان في القلب كانت آثاره العظيمة في السلوك، ومع الأهمية القصوى لإيقاد شعلة الإيمان في القلب والعمل الدائم على زيادته، يبقى أمر آخر على نفس الدرجة من الأهمية، وهو المحافظة على أعمالك الصالحة التي تقوم بأدائها من كل ما يفسدها ويبعدها عن مظنَّة الإخلاص لله (عز وجل)، ومن أهم الأمور التي يمكنها أن تفعل ذلك إعجابك بنفسك، ورضاك عنها ورؤيتها بعين التعظيم.
فهذا الداء الخطير الذي يتسلَّل بخبث إلى النفوس من شأنه أن يحبط العمل ويفسده، بل تصل خطورته إلى حد الوقوع في دائرة الشرك الخفي بالله (عز وجل)، معنى ذلك أنك تتعب وتبذل الكثير من أجل قيامك بعمل ما، ثم يأتي داء العُجب فيقضي على عملك ويحبطه، ومن هنا ينطلق بنا الكاتب لتعريف هذا الداء الخطير ومُسبِّباته وأهمية التخلُّص منه فورًا والوسائل المُعينة على ذلك.
مؤلف كتاب حطم صنمك وكن عند نفسك صغيرًا
مجدي الهلالي: كاتب وطبيب وداعية مصري، قدَّم عشرات الكتب في الدعوة والتربية الإيمانية التي تهدف إلى ارتقاء الفرد بنفسه والتخلُّص من مثبِّطات الهمم، له العديد من الخطب والتسجيلات والمقالات في مختلف الصحف والمواقع الإلكترونية، شارك في العديد من الندوات والمؤتمرات المحلية والدولية، عمل بالسعودية فأقام في المدينة المنورة إلى أن توفي بها سنة 2005م.
من مؤلفاته: “التوازن التربوي وأهميته لكل مسلم” و”فلنبدأ بأنفسنا”، و”الإيمان أولًا فكيف نبدأ به” و”تحقيق الوصال بين القلب والقرآن”.