إيذاء الإله بتدنيس المقدس
إيذاء الإله بتدنيس المقدس
من الأهمية بمكان التعرُّف على حقيقة الإنسان الفلسطيني الذي أوذي أيما أذى من الكيان الإسرائيلي، حيث إن الخصوصية التي يتمتَّع بها هذا الإنسان ليست لسواه، إذ إن أرضه “ملتقى العوالم” الشاهدية والغيبية، وإرثه “ملتقى الأبعاد” الزمني والسرمدي، ومن كانت هذه صفاته، فلا تنفع في معرفة حقيقته المقاربات التاريخية أو القانونية أو السياسية، فقط تنفع في معرفة حقيقته “المقاربة الائتمانية الفلسفية” التي تقوم على أن لكل شيء بعدين: أحدهما “الصورة” أي المظهر الخارجي، والثاني “الروح” أي الجوهر الداخلي، وأن الذي يقوم على تفسير الصورة، هو ذلك الجوهر الداخلي.
وإذا قمنا بتطبيق هذا المبدأ (المقاربة الائتمانية)، سنجد أن الإيذاء الواقع على الإنسان الفلسطيني، في إحدى صوره، هو “إيذاء الأرض التي باركها الله”، لكن تفسير تلك الصورة يتمثَّل في “إيذاء الإله” الذي بارك تلك الأرض، وفي الصورة الثانية، “إيذاء الإرث الذي أنتجته فطرتهم”، وتفسير تلك الصورة يتمثَّل في “إيذاء الإنسان” الذي أنتج هذا الإرث.
فإيذاء الإله عند الإسرائيليين قائم على “أن كل ما يمكن احتلاله من أملاك غيرهم، فهو بالضرورة مِلك لهم”، وهذا الاحتلال مرجعه منازعتهم للمالِكية الإلهية، فكلما كان المكان المحتل مقدسًا، يكون شعورهم بالمِلكية أكبر وأعظم، فلا يشعرون بالنصر إلا حين يملكون ما يعتبر ملكًا وحقًّا للإله، فتصير بيوت الله عين بيوتهم، لذا لن يستقر لهم قرار حتى يدمروا “المسجد الأقصى” ليُقيموا مكانه هيكلًا يرمُز إلى المِلكية عندهم، يُضاهون به الإله في الاتصاف بالمُلك!
الفكرة من كتاب ثغور المرابطة.. مقاربة ائتمانية لصراعات الأمة الحالية
يرى الدكتور طه عبد الرحمن أن الأمتين الإسلامية والعربية تخوضان صراعات فيما بينهما وبين غيرهما، كما أن الإخوة يقتتلون فيما بينهم، وأن مثل تلك القضايا الكيانية توجِّب علينا تقديم النظر الفلسفي على التحليل السياسي، لذا يقوم ببحث الجوانب الفلسفية المتعلقة بتفريط العرب في القدس من خلال التطبيع، والصراع (الإسلامي الإسلامي) بين النظامين السعودي والإيراني على بسط النفوذ على العالم الإسلامي، واقتتال العرب فيما بينهم من خلال انتشار ثقافة القتل.
مؤلف كتاب ثغور المرابطة.. مقاربة ائتمانية لصراعات الأمة الحالية
طه عبد الرحمن، فيلسوف مغربي متخصِّص في علم المنطق وفلسفة اللغة والأخلاق، أحد أبرز الفلاسفة والمفكرين منذ سبعينيات القرن الماضي، كتب عشرات الكتب، ومنها: “العمل الديني وتجديد العقل”، و”سؤال الأخلاق”، و”روح الحداثة”، و”بؤس الدهرانية”.