إن مع العُسر يُسرًا
إن مع العُسر يُسرًا
الله عز وجل يقول: ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾ ولو لاحظنا في الآية الكريمة كلمة (مع)، فهذا يعني أن اليسر يأتي في وقت العسر نفسه، هذا يعني أن لا شيء في هذه الحياة سيئ تمامًا، ولا حسن تمامًا، ففي كل وضع سيئ يكون هناك شيء ما يستوجب الشكر، فمع الشدائد يمنحنا الله قوة الصبر، فالخطأ الذي نقع فيه هو أننا نتعامل مع كل شدّة كما لو كانت نهائية، وقد يكون موافقًا لما حذَّرنا منه الرسول (صلى الله عليه وسلم) في قول “لم أر منك خيرًا قط” ربما يقولها أحدنا لأنه في تلك اللحظة فعلًا لم يشعر بأي خير، فالماضي والحاضر يُختزلان في لحظة واحدة.
لكن لو تأملنا في القرآن الكريم لاحظنا أن الشيء المفقود يعود إلينا، فقد عاد يوسف (عليه السلام) إلى والده، ورجع موسى إلى والدته، وعادت هاجر إلى زوجها إبراهيم، وعادت الصحة والأولاد إلى أيوب (عليهم السلام أجمعين) ففي هذه الدروس نرى أن ما أخذه الله لن يضيع أبدًا، لكن أحيانًا يأخذ الله ليُعطي، وليس بالضرورة أن يكون العطاء بالصورة التي نريدها، إننا خلال عملية الفقد نُمنَح!
وحين يعطينا الله الهدايا ويرزقنا بما نحب، فإننا نعتمد على تلك الهدايا وليس على الله (عز وجل)، فتدخل قلوبنا وتتحكَّم بنا، وسرعان ما تتحوَّل إلى سجن للتعذيب، فحين تذهب نعود إلى الله (عز وجل)، ونصل حينها إلى الإخلاص والفقر إليه (سبحانه وتعالى)، فالهدية الأعظم هي القرب منه سبحانه أو تُستخلص قلوبنا من كل شائبة، فتكون خالصة له وحده، فقبل أن نتمكَّّن من ملء إناء لا بدَّ من إفراغه.
هكذا قلوبنا، لا بدَّ من إفراغها أولًا بكل ما هو غير الله (عز وجل)، حتى نستطيع ملأها لله وحده، وهذا ما نجده في الجزء الأوَّل من الشهادة، فنُعلن “لا إله” والإله يعني كل شيء تتمحور حوله حياتنا، فكل المعبودات سواء كانت مالًا، مركزًا، أشخاصًا، لا بدَّ من التخلّص منها أولًا، وهذا هو الجهاد الأعظم في الدنيا، وهو جوهر التوحيد، لكن هذا لا يعني قطع صلتنا بالدنيا، بل أن نُحب لكن مثلما يُريد الله (عز وجل)، أن تكون تلك الأشياء في أيدينا لا في قلوبنا، أن نزهد، فنحوِّل تلك الأشياء إلى رغبات لا احتياجات.
أن ننسحب من الدُنيا لا يعني أن ننقطع كُليًّا، فالانقطاع انقطاع قلبي، وكان الارتباط الوثيق بالله (عز وجل)، قال الله تعالى: ﴿وَمَا هَٰذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ ۚ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ فننظر إلى الدنيا وما فيها أنها وسيلة فقط حتى نصل إلى الله (عز وجل)، أن نصل إلى الكمال الذي خُلقنا من أجله.
الفكرة من كتاب استرجع قلبك
يحاول الكتاب في تجربة فريدة إيقاظ القلوب وتقديم منظور مختلف لمعاني الحياة، فما حقيقة الحب والألم؟ وهل التصوُّرات تجاه علاقاتنا بالله وبمن حولنا صحيحة؟ هنا تتناول الكاتبة هذه التساؤلات مُضيفة إليها قدرًا من الهدوء والسلام والنفسي.
مؤلف كتاب استرجع قلبك
ياسمين مجاهد: كاتبة ومتحدثة، حصلت على البكالوريوس في علم النفس، والماجستير في الصحافة والإعلام، وقد درَّست الدراسات الإسلامية بعد إتمامها الدراسات العليا، وهي كاتبة عمود في صفحة الشؤون الإسلامية بجريدة “إن فوكس نيوز”، تعمل حاليًّا كاتبة ومتحدثة على موقع “هاف بوست”، ولها برنامج على إذاعة “راديو نيو ليجاسي” تتحدَّث فيه عن الصفاء والطمأنينة.