إنما الوقت هو الصلاة
إنما الوقت هو الصلاة
إن مواقيت الفروض الخمسة هي رموز لتحولات الزمان خلال اليوم كله، وما قبلها أو ما بعدها إنما امتدادات لتلك الأزمنة، وبما أنها كتاب موقوت على التعبير القرآني، وبما أنها مرتبطة بالوقت فأداؤها في الوقت المُحدد لها هو المطلوب، وما سوى ذلك فهو قضاء لها وتعويض لما فات وحرمان من أكثر الأجر والثواب.
فيبدأ الفجر مع بداية الحياة مُفتتحًا يومًا جديدًا من أيام الكون، حتى إذا اشتدت حرارة الشمس متوسطة كبد السماء أُعلن النداء للظهر سامحًا للكون أن يأخذ هدنة ويستريح قليلًا من كدِّه وتعبه، ثم يأتي العصر بعد ذلك مُنذرًا بالغياب، غياب الشمس في الأفق وغياب ورقة أخرى من أوراق عمر الإنسان! وكما أن لكل شيء بداية فلكل شيء نهاية أيضًا فالمغرب كالفجر أحدهما يُعلِم ببداية الحياة والآخر يُعلِم بنهايتها مُذكِّرًا الإنسان بأصله، وأنه لن يخرج عن سنة الله في كونه فنهايته قادمة لا محالة.
وعندما يسكن الليل وتهبط العتمة ويأوي كل حيٍّ إلى مسكنه، وتلجأ الأجساد إلى الراحة من سعي يوم طويل تأتي العشاء مؤنسة العباد الباحثين عن مزيد من السكينة المتعطشين لما يروي ظمأ الروح بعد أن فرغوا من ريِّ ظمأ الأجساد، وأما عن ما يكون في الثلث الأخير من الليل فهو مما أنعم الله به على من يشاء من عباده فلا نداء ولا أذان في ذلك الوقت إلا أنَّك تجد من المؤمنين من تجافت جنوبهم عن مضاجعهم، مؤثرين ركعاتٍ وتسبيحاتٍ في جوف الليل على فُرُشِهم الوثيرة وراحة أبدانهم المنهكة، تقربًا إلى الله سبحانه في أجلِّ وأقدس ساعات الدنيا.
الفكرة من كتاب قناديل الصلاة
“إنما فرض الله الصلاة عمرًا، لا حركة ولا سكنة إلا صلاة!”.. بلغة أدبية رفيعة، وتعبيرات جمالية مدهشة يتجول بنا الكاتب في روضة الصلاة من الوضوء ابتداءً وحتى السلام منها انتهاءً، بصحبة الأولين والآخرين والملائكة أيضًا، مُذكرًا ومضيئًا لقنديل فريضة انطفأ وبهت وَهَجُ نورها في قلوب الكثيرين.
مؤلف كتاب قناديل الصلاة
فريد الأنصاري: عالم دين وأديب مغربي، حصل على الدكتوراه في الدراسات الإسلامية تخصُّص أصول الفقه، وعمل رئيسًا لقسم الدراسات الإسلامية بكلية الآداب في جامعة مولاي إسماعيل بمكناس في المغرب، وأستاذًا لأصول الفقه ومقاصد الشريعة بالجامعة نفسها، وشغل أيضًا منصب عضو المجلس العلمي الأعلى بالمغرب.
من مؤلفاته: “سيماء المرأة في الإسلام بين النفس والصورة”، و”ميثاق العهد في مسالك التعرف إلى الله”، و”التوحيد والوساطة في التربية الدعوية”، كما أن له أعمالًا أدبية منها: “آخر الفرسان” و”كشف المحجوب” وديوان “القصائد”.