إمبراطور الملابس: قصة الهروب من الحقائق
إمبراطور الملابس: قصة الهروب من الحقائق
كان هناك إمبراطور مُولعٌ بالملابس، وذات يوم جاء إليه نصابان يزعمان أنهما يستطيعان تصميم قطعة قماش غريبة لا يراها الغبي ولا من لم يكن كفؤًا بمنصبه، فأمر الإمبراطور بصنعها، وأراد الإمبراطور استطلاع عمل الرجلين فأرسل اثنين من حاشيته وكانت المفاجأة أن كلًّا منهما لم ير شيئًا! في الواقع تظاهر النصابان طوال فترة العمل أنهما ينسجان القماش المطلوب على منوالين، فلما كان يأتيهما أحد من طرف الإمبراطور ولا يرى شيئًا فيقول في نفسه: “لو قلت إنني لا أرى شيئًا سيقولون إنني غير كفء أو غبي”؛ ففضَّلوا التظاهر بإعجابهم بالقماش، بل حتى الإمبراطور نفسه فعل كما فعلوا خوفًا من الناس، حتى نصح النصابان الإمبراطور بصنع ملابس موكبه القادم من ذلك القماش فوافق، ويوم الموكب تظاهر الملك بارتداء الملابس غير الموجودة هي أيضًا وخرج، كان الناس لا يرون شيئًا على الملك ولكنهم هم أيضًا تخوَّفوا من الإفصاح بذلك وكل شخص تظاهر بالإعجاب بملابس غير موجودة! وهنا صاح طفل صغير وقال: “ولكن الإمبراطور لا يرتدي شيئًا”! فتهامس الناس بكلامه واهتزَّت ثقة الإمبراطور ومُلئ رعبًا لكنه فضَّل أن يستكمل الموكب كما هو!
تُظهر لنا هذه الحكاية مساوئ اعتماد الإنسان على أمور غير عقلانية بدلًا من الثقة في قدراته الخاصة، وتنبهنا لتأثير الخوف في اتخاذ القرارات ومن ثم الهروب من الحقائق والواقع، والمُشاهد في عالمنا اليوم أن العمل صار هو هوية الأفراد وسيطر على كل أفكارهم، فيعيش الفرد دائمًا في خوف من فقد ذلك العمل حفاظًا على هويته، ولأنه يعتمد عليه بصفة رئيسة في سداد الديون والفواتير والحياة المعيشة كلها؛ لذلك يحرص على ألا يعارض فكرة خاطئة ذكرها مدير العمل أو المسؤول ويؤثر السلامة على الإبداع فيتبع التعليمات بالحرف حتى ولو أنه يؤمن تمامًا بأن ما ذكره مديره لا يصلح للعمل أو ليس الأصوب، ويعد غرور الإمبراطور مثالًا على تصلُّبنا في العمل وتمركزنا حول الذات، ورغم كل ذلك فإن القصة ليس مغزاها إدانتنا ولكنها تدعونا للصدق والأمانة والثقة بالنفس في العمل.
الفكرة من كتاب البط الدميم يذهب إلى العمل
تستلهم ميتي نورجارد العبر والحكم في ست قصص خيالية من قصص هانز كريستيان أندرسون وتسقطها على بيئة العمل والحياة المهنية بهدف رفع كفاءة مستوى الحياة المعيشية، فتجد أن كل شخصية وكل حدث في القصة يرمز إلى شيء ما في حياتنا أو يمثل شخصية بعينها في العمل.
مؤلف كتاب البط الدميم يذهب إلى العمل
ميتي نورجارد Mette Norgaard: مدربة دنماركية، حاصلة على الماجستير في إدارة الأعمال والدكتوراه في التطوير والتنمية البشرية، وشاركت في تأليف كتاب “TouchPoints: Creating Powerful Leadership Connections in the Smallest of Moments”.
معلومات عن المترجم
شكري مجاهد: كاتب ومترجم مصري حصل على الدكتوراه عام 1997م، وعمل أستاذًا للأدب الإنجليزي بجامعة عين شمس، وكان رئيسًا للمركز القومي للترجمة في العام 2015.