إمبراطورية أمريكية
إمبراطورية أمريكية
استعملت تلك الصيغة قبل ثلاثين عامًا من قبل اليسار المتطرف كسمة ذم انتقاصية، ثم أصبح يستعملها المحلِّلون اليساريون واليمنيون عند تحليل السياسة الخارجية وتوجيهها، حتى أن عالم السياسة الأمريكي باسيفيتش يرى أن تلك الصيغة تكتسب الاحترام، وأن إمبراطورية أمريكا لا مثيل لها في التاريخ.
ولكن استعمال تلك العبارة على سبيل الاستعارة تحمل في طياتها العديد من معاني الإغراءات كامتلاك أمريكا للقوة العسكرية والاقتصادية والناعمة، ولكن هنا يجب التفرقة بين سياسة التفوُّق العالمي وسياسة الإمبراطورية، فإمبراطورية أمريكا لم تصل بعد إلى الحد الذي وصلت إليه الإمبراطوريات الأوروبية ذات التدخل السياسي المباشر في مستعمراتها وغير المباشر بواسطة الحكام المحليين الخاضعين لسيطرتها، ولم تستطع كسب تأييد المكسيك وشيلي في شن الحرب على العراق، على العكس من الإمبراطورية البريطانية التي لم تواجه مثل هذه المشكلات مع الهند أو كينيا.
كما أن القوة في عصر المعلومات المعولمة مقسمة إلى ثلاثة أبعاد تشبه لعبة الشطرنج، تمثِّل الرقعة العليا انفراد أمريكا بالقوة العسكرية، والرقعة الوسطى القضايا الاقتصادية التي تتسم بالتعدُّدية القطبية، أما الرقعة السفلى فهي فوضوية تشغلها العلاقات العابرة للقومية، والتركيز على رقعة واحدة دون الأخريين بمثابة خسارة، فسيطرة أمريكا على العراق عسكريًّا مكَّن من زيادة عدد متطوِّعي شبكة القاعدة.
لذا فمن الصعوبة وصفها بالإمبراطورية ولا سيما مع تعدُّد القضايا على الساحة الدولية التي تتطلَّب حلًّا تعاونيًّا كقضايا الإرهاب ولا يمكن حلُّها بالقوة العسكرية فقط في ظل تداخل القوتين الصلبة والناعمة، ولكن المؤيدين لهذه الفكرة يتجاهلون المؤسسات والرأي العام الأمريكي إذا كان يقبل أن تكون حكومته إمبراطورية أم لا، إضافةً إلى استطلاعات الرأي التي كشفت أن الأمريكيين يفضِّلون التعدُّدية القطبية والعمل مع الأمم المتحدة.
ويرى الكاتب أن من الأفضل تسميتها “تقليص الامتداد الإمبراطوري” لأن الكونجرس الأمريكي لم تثبت جهوده أنه يستثمر في إعادة بناء الأمم بدليل أن إنفاقه على الشؤون العسكرية يمثل سبعة عشر ضعف إنفاقه على القضايا الخارجية، كما أن الجهاز العسكري صُمِّم من أجل القتال، إضافةً إلى أن رامسفيلد قلَّص حجم الإنفاق على التدريب في عمليات حفظ السلام.
الفكرة من كتاب القوة الناعمة: وسيلة النجاح في السياسة الدولية
إن القوة الناعمة مصطلح صاغه جوزيف ناي لأول مرة في كتابه “ملزمون بالقيادة”، وهي متاحة للجميع وتستثمرها الدول بشكل يحقِّق لها أهدافها عن طريق الجاذبية والإقناع بدلًا من الإرغام والرشاوى، وهي الوجه الآخر للقوة الصلبة، ويدور هذا الكتاب حول مصادر القوة الناعمة الأمريكية وسلوك الولايات المتحدة في استخدامها، والمنافسين لها في الماضي والمستقبل، ولكنها تعتمد على البراعة والمهارة في سلوكها وليست العبرة بالدول الصغيرة أو الكبيرة.
مؤلف كتاب القوة الناعمة: وسيلة النجاح في السياسة الدولية
جوزيف ناي: (ولد في 19 يناير 1937) أمريكي وأستاذ العلوم السياسية، تولَّى عدة مناصب رسمية منها مساعد وزير الدفاع للشؤون الأمنية الدولية في حكومة بيل كلينتون ورئيس مجلس الاستخبارات الوطني.
ومن مؤلفاته: “مستقبل القوة”، و”فهم النزاع الدولي”، و”قوة القيادة”.