إلى ريف العراق.. والأيام الأخيرة
إلى ريف العراق.. والأيام الأخيرة
اتجه الجميع في رحلة ليمروا عبر المناطق الريفية، وقد كان العريف عبد الله معهم يحكي لهم تاريخ الأماكن وأسماءها، ثم اتجهوا نحو الشمال وتحديدًا مدينة كركوك مركز الصناعة النفطية، ثم إلى أربيل المُسَوَّرة التي علّق عليها العرِّيف باحترام قائلًا: “هؤلاء هم الأكراد، وهم شعب خاص ليس من العرب، مُقاتلون أشداء، يطوفون الجبال لأيامٍ دون كلل أو ملل”، ومنها إلى قرية راوندوز المميزة، ويُذكر أن فيصل قد أحرج أحد حَرِسه لما طلب منه النهوض إلى خيمته لأنه لا يمكنه تناول الطعام مع الجنود والعريف واصفًا إياهم بـ”العوام”، فرفض فيصل ذلك قائلًا: “بل سوف أشارك أصدقائي الطعام، وإذا رغبت يمكنك أن تذهب لأكل الطعام وحدك قرب خيمتي”.
عاد أندرو إلى بغداد، وقد فوجئ بأن الوصيّ الأمير عبد الإله سيأتي للعشاء في بيت خالته، وأُقيم حفل ضخم حضره نوري باشا سعيد، رئيس الوزراء العراقي آنذاك، وبعض السفراء والضباط الكبار والأجانب، وعندما وصل الأمير عبد الإله استقبله الحاضرون بالتصفيق، ولعل ما لفت انتباه أندرو بعد انقضاء الأمسية الناجحة هو عندما أخبره عمه الدكتور ماكس بأن كل هذا هراء، فهناك الكثير من الفقراء في ذلك البلد.
في صيف 1943 اضطر أرنولد إلى السفر إلى الإسكندرية للدراسة في كلية فيكتوريا الإنجليزية في مصر، وبدأت زياراته إلى فيصل تقل شيئًا فشيئًا، ولما سافر إلى إنجلترا للدراسة في كامبريدج، التقى بفيصل الذي كان يدرس في كلية هارو، وعندما تزوج أندرو لم يحضر فيصل، لكنه أرسل إليه هدية جميلة تكونت من مزهريتين من الفضة منقوش عليهما التاج الملكي واسمه باللغة العربية.
الفكرة من كتاب ملك العراق الصغير.. فيصل الثاني
في الساعات الأولى من يوم 14 يوليو لعام 1958م، فوجئ العالم أجمع بخبر سقوط الحكم الملكي الهاشمي بالعراق وإعلان العهد الجمهوري، ولم يكن ذلك الحدث عاديًّا كأي ثورة أو سقوط لنظام حُكم، فلقد شهِد عملية قتل جماعي لجميع أفراد العائلة المالكة بمن فيهم ملك العراق الأخير الشاب فيصل الثاني.
وبما أن التاريخ يكتبه المنتصرون، فلم تُتح اللحظة للنظر في تاريخ وشخصية هذا الملك الصغير الذي انتقل الحكم إليه وهو في عامه الثالث ليصبح أصغر ملك في العالم، وقد تطلَّب الأمرُ نحو خمسين عامًا لكي يقوم شخصان بنشر مُذكراتهما، كونهما أقرب فردين للملك الصغير آنذاك، وهما إليزابيث موريسون، المُربية الأولى لفيصل ويُكنّى اسمها بـ”بتي Betty”، ومايكل آرنولد صديق فيصل في طفولته.
مؤلف كتاب ملك العراق الصغير.. فيصل الثاني
إليزابيث موريسون: هي معلمة إنجليزية عملت مُربية ومُعلمة للملك فيصل الثاني في صغره لأكثر من عامين.
مايكل أرنولد: هو كاتب أيرلندي الأصل، انتقل إلى العراق خلال الحرب العالمية الثانية مع احتلال ألمانيا النازية لبولندا، وأصبح صديقًا مقربًا للملك فيصل الثاني في طفولتيهما، وقد ألف كتاب “لعبة النرد.. رحلة صبي عبر ثلاث ثقافات”.
معلومات عن المترجم:
علي أبو الطحين:كاتب ومترجم عراقي، اهتمَّ بإعداد وجمع الُمؤَّلفات والمُذكِّرات ذات العلاقة بالحُكم الملكيّ الهاشمي في العراق، ومن أهم أعماله كتاب العائلة المالِكة في العراق، الذي تضمن مجموعة من الصور الفوتوغرافية النادرة التي نجت من الحرب، وتدمير قصر الزهور بعد الاحتلال الأمريكي.