إفلاس علم الاقتصاد
إفلاس علم الاقتصاد
رغم ما يشاع عن عظمة المذهب الرأسمالي وإسهاماته في رفع المستوى المعيشي للملايين حول العالم في الدول الرأسمالية المتقدمة؛ فإن الفرد يقف حائرًا وسط هذا الفقر المدقع المستشري في جميع دول العالم المتقدمة والنامية على السواء، فالفقر هو بحق سرطان العصر الذي عجزت مختلف الأيديولوجيات الاقتصادية عن القضاء عليه، مما يمكن وصفه بأنه وصمة عار في تاريخ علم الاقتصاد المعاصر، ومما يزيد الطين بلة زيادة أوقات العمل مع الخفض المتكرر للقوى الشرائية للأجور، فالرأسمالية وقت الأزمات لا تعرف شيئًا عن الرحمة، فهي تعيش طبقًا لعملية الانتخاب الطبيعي حتى يعيش فقط من لديه القدرة على المقاومة أطول فترة ممكنة، أما الآخرون فلا وزن لهم.
وتتبنَّى حكومات الدول الكبرى حزمة من الأفكار الاقتصادية المتطرفة تعمل على تعطيل الاستفادة من الموارد الإنتاجية بحجة السيطرة على المعروض من الإنتاج وعدم انزلاق الأسعار ناحية الانخفاض، وبذلك تزداد رقعة الفقر والمرض والألم والجوع يومًا بعد يوم، وتزداد جبال الجليد بين الفقراء والأغنياء، وتلك هي المعضلة الأساسية واللغز الأكبر، فبينما نعيش في عصر الفضاء واستكشاف الأعماق بالإضافة إلى الانفجار الثوري في الاختراعات البشرية وتكنولوجيا الاتصالات نجد أن الاقتصاد اليوم عاجزٌ عن تخفيف الأعباء البشرية، وبدلًا من أن يختفي البؤس نجده آخذًا في التزايد.
وربما كان من المنتظر أن يتحفنا الاقتصاديون بالتفسيرات اللازمة لتلك التناقضات المشاهَدة، ولماذا يزداد الفقراء فقرًا والأغنياء غنى، وما الدور المنوط بالحكومات تجاه الاقتصاد، ولماذا لا تنهض بخلق شبكات أمان اجتماعي تساعد على حماية الفقراء من الأزمات المالية الطاحنة بدلًا من تركهم وحيدين لمواجهة مصائرهم، وكيف لنا أن نفسِّر النزعة الاحتكارية للشركات العملاقة في ظل عالم تسوده دعاوى المنافسة التامة والشفافية وحرية الاستثمار، ولماذا يفشل الاقتصاديون دائمًا في التنبؤ بالكوارث والأزمات المالية، كل تلك الإشارات وغيرها دفعت بالكثيرين نحو الاعتقاد بإفلاس علم الاقتصاد المعاصر.
الفكرة من كتاب الاقتصاد المجنون.. الرأسمالية والسوق اليوم
رغم ما يشاع عن عظمة المذهب الرأسمالي وإسهاماته في رفع المستوى المعيشي للملايين حول العالم في الدول الرأسمالية المتقدمة؛ فإن الفرد يقف حائرًا وسط هذا الفقر المدقع المستشري في جميع دول العالم المتقدمة والنامية على السواء..
يكشف هذا الكتاب حساب الرأسمالية المعاصرة وإلقاء اللوم عليها جراء الأزمات الاقتصادية المتلاحقة، فهو يتتبع إفلاس النظم الاقتصادية المعاصرة في القضاء على الفقر، كما يغوص في ديناميكيات الرأسمالية وكيف تتشكَّل الأزمات الاقتصادية، كما يعرِّج في النهاية على أثر الاختلالات الهيكلية للأنظمة الاقتصادية المعاصرة في مستقبل العالم.
مؤلف كتاب الاقتصاد المجنون.. الرأسمالية والسوق اليوم
كريس هارمن: كاتب صحفي وناشط سياسي ومنظِّر ماركسي بريطاني، وعضو باللجنة المركزية لحزب العمال الاشتراكي ببريطانيا، وكان رئيس تحرير مجلة العامل الاشتراكي ولاحقًا لمجلة الاشتراكية الأممية، وتُوفِّي نتيجة سكتة قلبية في القاهرة بمصر في أثناء مشاركته في مؤتمر مركز الدراسات الاشتراكية في 7 نوفمبر 2009.
أنتج هارمن مجموعة كبيرة من الكتب والمقالات عن عدة موضوعات، ومنها: “كيف تعمل الماركسية؟”، و”غرامشي ضد الإصلاحية” و”النبي والبروليتاريا”.