إصغاء
إذا حان وقت الدرس أو الحصة أو المحاضرة بدأت المرحلة الثانية، وهي مرحلة الإصغاء، والإصغاء استماع مع وعي وانتباه، يعينك عليه ما حضرته في الليلة السابقة. ومن يُحسن الإصغاء يسبق حديثَ المدرس في ذهنه في كثير من الأحيان، ويستثمر وقت شرح الأفكار الثانوية في تعزيز الأفكار الأساسية لديه، وتدور الأسئلة في ذهنه باستمرار مترقبًا إجاباتها من الأستاذ. ولكي يكون إصغاؤك مثمرًا، ينبغي أن تفتح أمامك الدفتر الذي أعددت فيه للدرس، لتتتبع ملاحظاتك وأسئلتك وتُدوِّن ما تصل إليه من إجاباتها، وتسأل عما لم يُجَب عنه، وكذلك لتدون أهم الأفكار والمصطلحات التي تسمعها في الدرس، على ألا تنشغل بذلك عن الإصغاء، وأن تدون ملاحظاتك بأسلوبك الخاص لا بأسلوب الأستاذ.
وهنالك أمور أخرى من شأنها أن تُساعدك، كأن تحضر إلى قاعة الدرس مبكرًا لتطمئن في مكانك وتستعد، وأن تستذكر فضل الله عليك ونعمته بمنحك فرصةً لم تتح لكثيرين غيرك، وأن تشكر تلك النعمة باستعمالها في ما ينبغي، وأن تحترم المكان الذي تدرس فيه وتعرف اختلافه عن غيره في حرمته وغاياته. ولتحاوِل جاهدًا ألا تفوِّت درسًا لأن الدروس حلقات متصلة إذا فقدت منها واحدة ربما ضيعت بقيتها.
الفكرة من كتاب فن الدراسة
يُقبل العام الدراسي بما يحمله من آمال ومشكلات، ونتذكر أن للدراسة هدفين أساسيين، هما اكتساب قدر من المعرفةِ وقدر من المهارة العملية في مجالٍ ما، وإن مضينا فيها على نهجٍ سليم حققنا الهدف بيُسرٍ واستمتعنا، وإن سلكنا فيها طرقًا وعرة ملتوية بذلنا جهدًا كبيرًا وجنينا من الثمار القليل. وهذا الكتاب إنما يهدف إلى بيان النهج السليم الذي ينبغي لنا السير به في دراستنا.
فإن كنت تشكو قلة التحصيل مع كثرة الجلوس بين الكتب، أو تشكو النسيان أو الكسل أو الملل حين يتعلق الأمر بالدراسة، فرافقِنا في رحلتنا مع هذا الكتاب.
مؤلف كتاب فن الدراسة
عبد الرحمن رأفت الباشا، كاتب وأديب سوري، ولد بإدلب عام 1920، ابتُعث إلى القاهرة وحصل على الشهادة العالية في كلية أصول الدّين في الأزهر عام 1945م، وشهادة اللّيسانس في الأدب العربي من كلية الآداب بجامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة حاليًا)، ثم حصل على درجة الماجستير عام 1965م، ثم الدكتوراه في الجامعة نفسها عام 1967م. عمل في تدريس اللغة العربية في سوريا، وعُين كبيرًا لمفتشي اللغة العربية هناك ثم أستاذًا محاضرًا في كلية الآداب بجامعة دمشق، ثم درس في المعاهد العلمية السعودية، وفي كلية اللغة العربية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وكان رئيس قسم البلاغة والنّقد ومنهج الأدب الإسلامي فيها، ومسؤولًا عن لجنة البحث والنشر في الجامعة. وقد اشتهر بحبه للغة العربية، وكان أحد مؤسسي رابطة الأدب الإسلامي العالمية. وتوفي عام 1986 في إسطنبول.
من مؤلفاته: صور من حياة الصحابة، وصور من حياة التابعين، والعدوان على العربية عدوان على الإسلام، ونحو مذهب إسلامي في الأدب والنقد، وفن الامتحان بين الطالب والمعلم، ورواية أرض البطولات.