إسلام مشروط.. العرب إلى الجاهلية مرة أخرى
إسلام مشروط.. العرب إلى الجاهلية مرة أخرى
إن مسألة التأريخ والرواية بشكل عام كانت محل جدل كبير ودائم طوال تاريخ المسلمين، ذلك لأن لغة هذه الأمة إنما نشأت على السماع والإسناد من أشخاص لآخرين، وعلى قدر كثرة هؤلاء الأشخاص واختلاف أزمانهم يكون قدر الاختلاف في الأحداث والشخصيات التي أرخوا لها، هذا مع تحييد أهواء الرواة وانتماءاتهم، ولكن ليس هذا ما يهم، فحتى في الوقائع غير الجدلية مثل الحروب والفتوحات وغيرها كانت الروايات غاية المبالغة أحيانًا بل وغير منطقية أحيانًا أخرى، ولكن من أين يأتي الهدوء لأمة الشعر واللسان وقد وجدت ذلك النبع الذي مهما نهلت منه فلن ينفد!
لم تأت على جزيرة العرب في أي حقبة من تاريخها أحداث متتابعة كتلك في ضخامتها، لقد بُعث النبي المنتظر فيهم ورأوا معجزاته وأقر أكثرهم بها، وحتى الذي كابر فقد قهره السيف حتى حين، حتى ظنوا أن النبي (صلى الله عليه وسلم) باق في دنياهم ولم يفهموا حين أتاهم نبأ وفاته قاصمًا لظهورهم هادمًا لوحدتهم، بينما كانت تلك الثُلة التي أيدت النبي في بداية بعثته ورأت معه ما رأت، باقية على عهدها الأول وقد انقلبت حولها الأرض كافرة بعد إيمان مُظهرة لهم العدوان، كان صحابة رسول الله يفهمون معنى الملك والنبوة والفرق بينهما، وعندما حان وقت الاختيار وظهرت بوادر القسمة بين المهاجرين والأنصار لم يحتاجوا إلا إلى تذكير عمر (رضي الله عنه) في سقيفة بني ساعدة، ليدركوا سريعًا من هو الأجدر بتولي شؤونهم خليفة للنبي، ولا شك أن حدثاً كهذا لم يسلم من اختلاف الروايات والتتبع لموقف بني هاشم، ولكن الرواة أسرفوا في الجدل وأكثروا اللغط، وقد أدرك الجميع أن هذا الأمر ليس ميراثًا لأحد ومرده إلى بيعة المُسلمين كافة.
فقد كان أبو بكر (رضي الله عنه) بلا شك جديرًا، فهو أقربهم للنبي (صلى الله عليه وسلم) في حياته، وثاني اثنين وأول رجل آمن به، وقد اشتد على نفسه منذ أيامه الأولى فما إن تولى الخلافة حتى أنفذ جيش أسامة بالرغم من الخطر الظاهر، ولكن هذا هو أبو بكر، لقد أصر على تنفيذ أمر النبي مهما كانت العواقب، وهكذا ستكون سيرته في باقي أموره.
الفكرة من كتاب الشيخان
لقد حظيت فترة حكم الخليفتين عمر وأبي بكر (رضي الله عنهما) باهتمام كبير طوال تاريخ المسلمين، ذلك لأنهما كانا أسوة حسنة لمن تلاهما، فاقتفوا أثرهما راجين أن يُوفقوا في اتباعهما، هنا يتتبع طه حسين سيرة الشيخين في الجاهلية والإسلام، مبرزًا أهم التحديات التي واجهتهما، وكيف كانت مواقفهما منها، وكيف أقاما بنيان دولة ظلت قواعدها راسخة لمئات السنين.
مؤلف كتاب الشيخان
طه حسين، عميد الأدب العربي ومن أبرز الأسماء في الفكر الحديث، ولد في محافظة المنيا عام 1889، وتلقى تعليمه الأولي في الأزهر ثم في الجامعة المصرية التي حصل فيها على الدكتوراه في الفلسفة، ثم أوفد إلى جامعة مونبلييه بفرنسا ليكمل دراسته وأبحاثه بها ويعود إلى مصر، ليُعين أستاذًا للتاريخ اليوناني والروماني في الجامعة المصرية.
دائمًا ما أثارت مؤلفات وأطروحات طه حسين الجدل وما زالت تثيره حتى يومنا هذا، ومن أبرز مؤلفاته:
ذكرى أبي العلاء.
في الشعر الجاهلي.
الفتنة الكبرى.
الأيام.
مستقبل الثقافة في مصر.