إرهاصات الأبارتهايد في التاريخ الغربي
إرهاصات الأبارتهايد في التاريخ الغربي
على الرغم من معرفة الإنسانية العبوديةَ عبر العصور وفي مختلف الحضارات فإن العبودية التي مارسها الاستعمار الغربي لم يسبق لها مثيل في التاريخ الإنساني، من ناحية المدة التاريخية والوسائل المتبعة والأثر العميق الذي تركه حتى بعد جلاء المستعمر.
بدأت أولى القوانين المؤسِّسة للعبودية في الظهور منذ القرن الخامس عشر، وسميت في أكثر الأحيان بقوانين السود، وعلى مدى أربعة قرون تطورت هذه القوانين إلى ما يشبه الأيديولوجية التي أوجدت لنفسها المشروعية القانونية والأخلاقية فصورت المستعمَر في الذهنية الأوروبية أنه كائن لا يعتبر من البشر لا من الناحية البيولوجية ولا الثقافية، وعلى أنه كائن أقل من الإنسان الغربي، كائن كسول غير قادر على حكم نفسه أو فلاحة أرضه، وأعطى ذلك المبرر للتصرُّفات الوحشية التي تعرَّض لها المستعمَرون سواء في أرضهم أو في رحلاتهم البائسة عبر المحيط لأراضي المستعمِرين وما لاقوه من أهوال وفظائع في المعاملة، حتى كان العبد يُعَدُّ من ضمن أثاث منزل الإنسان الغربي، وبالتوازي لرسم تلك الصورة القاتمة للسكان الأصليين، تم رسم صورة الإنسان الأبيض في المخيال الغربي أنه حامل مشعل الحضارة الذي يضحي بنفسه ويتغرَّب عن أرضه من أجل التخلُّص من العبء الذي يؤرقه بإخراج هؤلاء المتخلفين من كهوفهم إلى أنوار حضارته، تلك النظرة المؤسسة على افتراض السمو الأخلاقي والثقافي المطلق للرجل الأبيض على ما عداه من الشعوب.
يربط الكاتب ربطًا وثيقًا بين الاستعمار والأبارتهايد، فالسياسة الاستعمارية في ذاتها ممهِّدة لنظام الأبارتهايد، وتعتبر ممارسة العبودية هي أقصى أشكاله، وحتى بعد انتهاء الاستعمار وإعلان استقلال المستعمرات، لا تزال الشعوب التي كانت مستعمرة تعاني تبعات الاستعمار وممارساته، ولم تختلف الأسس الاجتماعية في تلك البلدان عن المنطق الاجتماعي الذي أسَّسه الاستعمار بجعل التمييز الاجتماعي أهم عامل للإقصاء.
الفكرة من كتاب الأبارتهايد.. دراسة في الجذور التاريخية والثقافية لمفهوم الفصل العنصري
يحاول المؤلف في هذا الكتاب فهم مصطلح “الأبارتهايد” في سياق علاقة الكولونيالية الأوروبية والأمريكية مع البلدان المستعمرة ولا سيما في أفريقيا، كما يبين الخلفية الأيديولوجية للعنصرية الغربية وطريقة اشتغالها وارتباطها الوثيق بالحركات الاستعمارية لتصبح أطروحة الأبارتهايد أداة سياسية لإدارة المستعمرات.
مؤلف كتاب الأبارتهايد.. دراسة في الجذور التاريخية والثقافية لمفهوم الفصل العنصري
الدكتور حميد لشهب كاتب ومترجم مغربي، حصل على درجة دكتوراه قسم الفلسفة من جامعة ستراسبورغ الفرنسية سنة 1993، وحصل كأول باحث عربي على الجائزة العالمية “إريك فروم” لسنة 2004، له دراسات ومقالات عديدة في الميدان الفلسفي والسيكولوجي والسياسي