إدغار موران.. للعولمة وجه آخر
إدغار موران.. للعولمة وجه آخر
لنبدأ بإيضاح فكرة أن ما يشهده العالم له علاقة بالتداخل بين التطورات الاقتصادية والاجتماعية والدينية وغيرها، وهذا التطور أو ما نسميه “العولمة” لم يبدأ في نهاية القرن العشرين كما يظن البعض، بل بدأ مع الغزو الأمريكي وتطور الحركة الملاحية التي ربطت بين كل أجزاء العالم، وساهمت بشكل ما في توحيد الكوكب، بعد أن روجت اقتصاد السوق والعلم والتقنية طبقًا لمعايير العالم الغربي وقواعده، ومن هنا ظهرت فئة أخرى تعارض هذه الوحدة لأنها رأت فيها تهديدًا لهويتها الثقافية والقومية والدينية.
لا بد أن النظرة الأولى للعولمة كانت تنبئ بما سيشهده المستقبل من تقدم، ولكن كما يعلمنا المستقبل، لا ضمانات. فالعلم الذي ينتج منافع هائلة ابتكر السلاح النووي، مسطرًا بذلك الفصل الأخير من التاريخ البشري، والثورة الصناعية التي غيرت اقتصاد العالم أنتجت التلوث وفساد البيئة. مجددًا، يعجز المستقبل عن تقديم ضمانات، وسعي العالم نحو الحضارة لا يخلو من خلق سرطانات داخل جسد تلك الحضارة لتنمو تدريجيًّا منذرة بالانهيار وفقدان المستقبل، تمامًا كما فعل العالم الغربي الذي خلق سرطانه الخاص المتمثل في ظلم الشعب الفلسطيني، وهذه الإهانة الممنهجة تحس بها غالبية الشعوب العربية، فإن بقي هذا السرطان بلا علاج، سيصبح الوضع العالمي أكثر خطورة.
إن الوضع العالمي بحاجة إلى بوليس عالمي أو شرطة كونية، لمواجهة أحداث مثل 11سبتمبر التي حركتها أيادٍ خفية تسمي نفسها “القاعدة” وتمتد إلى ما وراء حدود بلاد الشرق الأوسط لتعلن حربًا غير متكافئة مع الغرب.
السؤال هنا، من الذي سيدشن الشرطة الكونية؟ الأمم المتحدة أم الولايات المتحدة التي ضُربت في الصميم؟ وعلى من ستعلن الحرب؟ لا يمكن القول “على الإرهاب”، لأن الحرب لا تقوم إلا ضد دولة، و”القاعدة” كما هو معلوم، ليست قائمة على دولة!
الفكرة من كتاب عنف العالم
للمرة الأولى تمكن العالم من رسم صورة تضمنت كل ثقافاته وتاريخه وجنسياته ولغاته، كان ذلك عندما وُضع العنف إطارًا لتلك الصورة، فتوحد العالم عبر العنف، ليصبح العنف سيدًا للموقف ومتنًا لكتاب التاريخ الإنساني، وما سواه يعد هامشًا لا قيمة له.
هذا الكتاب يضم آراء كاتبيه عن أسئلة وجهت إليهما في معهد العالم العربي بباريس جراء أحداث 11 سبتمبر 2001م، نشرته دار Felin عام 2003م، ونُقل إلى العربية عام 2005م عن طريق دار الحوار بسوريا، فقدمه وعلق عليه: إبراهيم محمود.
مؤلف كتاب عنف العالم
إدغار موران: ولد عام 1921م، وهو أحد الفلاسفة وعلماء الاجتماع في فرنسا، ومدير فخري للأبحاث بالمركز الوطني للأبحاث العلمية، وصاحب نظرية التعقيد واستراتيجية الفكر المركب، وأحد المنظرين للمقاربة العبرمناهجية، ويعتبر من أهم المحللين للفكر المعاصر ولتاريخ الثقافة الأوربية والعالمية.
حاز جوائز عدة، من بينها الدكتوراه الفخرية في عديد من جامعات دول العالم وجائزة شارل فايون للكتاب. وله عديد من المؤلفات منها:
ثقافة أوروبا وبربريتها.
هل نسير إلى الهاوية.
الفكر والمستقبل مدخل إلى الفكر المركب.
جان بودريار: وُلد عام 1929م، هو فيلسوف فرنسي وعالم اجتماع وعالم اجتماع ثقافي، يشتهر بتحليلاته المتعلقة بوسائط الاتصال والثقافة المعاصرة والاتصالات التكنولوجية، بالإضافة إلى استنباطه مبادئ مثل المحاكاة والواقع المفرط.
له مؤلفات عدة، منها:
أمريكا.
حرب الخليج لم تحدث.
الجريمة الكاملة.
معلومات عن المترجم:
عزيز توما: مترجم عمل في عدد من دور النشر السورية، مثل دار الحوار ودار الينابيع، وترجم كتبًا عدة منها:
أحادية لغة الآخر.
انفعالات.
الإقامة في السعادة.