إخماد الشائعات
إخماد الشائعات
قدر كل شائعة أن تخمد بعد أن تؤدي دورها، إذ إن زوالها وانتهاءها هو جزء من بنيتها منذ لحظة ظهورها، فوظيفة معظم الشائعات هي التسلية وملء الفراغ وتقليل الملل، ومن ثمَّ عندما لا نكون معنيين بالشائعة ولا تؤثر في حياتنا، فإنها تتوارى بمرور الزمن، وذلك على غرار الأخبار الواردة في الصُّحف التي تحتلُّ الصفحات الأولى لعدَّة أيام، ثم ما تلبث أن تختفي سريعًا، على أن هذا الزوال أو الاختفاء للشائعة لا يعني أن العامة لم يعودوا يصدِّقونها، بل الأمر راجع إلى أن فترة العمر الخاصة بها انتهت، ما يستوجب استبدالها بشائعة أخرى لا تقل إمتاعًا عنها، وتكون الشائعة الثانية هي أيضًا محكومًا عليها بالزوال.
وعلى الرغم من أن قدر كل شائعة هو الزوال، فإن هناك شائعات كُبرى لا تموت، وإنما تخمد مؤقتًا لتنفجر يومًا ما كالبركان، إذ إن لديها القدرة على التحرُّك والظهور بنفس الصورة، أو التشكُّل في زي جديد، ومن ثمَّ لا يُعلَم متى وأين يمكن أن تظهر مرَّة أخرى، وهذا راجع إلى أن الشائعة هي نتاج فكري وتخضع لأطر مرجعية، ومثال ذلك في عام 1981 راجت شائعة تقول إن طفلًا كان يمتطي حصانًا آليًّا، وتعرَّض للدغة أفعى كانت تختبئ في الحصان، وفي عام 1982 تطوَّر شكل الشائعة مرة أخرى، فقيل إن أحد الأطفال لدغته أفعى كانت تختبئ في قِرط موز كان مصدره إفريقيا، وبعد عامٍ واحد، أي عام 1983 قيل إن هناك طفلة لدغتها أفعى عندما كانت تختبئ بين دُمى على شكل دببة مستوردة من تايوان، وبتحليل ظاهرة الأفعى التي تلدغ الأطفال، تبيَّن أنها تُشكِّل تطوُّرًا مجازيًّا لشائعة أورليان بفرنسا التي تقول إن تاجرًا يهوديًّا كان يقوم بتخدير الفتيات في بروفات خلع الملابس، ويبيعهم كرقيق أبيض، والهدف من مثل تلك الشائعات هي التحذير من تراخي الأهل في الانتباه لأولادهم، ما قد يعرِّضهم للخطر.
وبناءً على ذلك فإن الشائعات ليست سوداء على الدوام، إذ توجد شائعات بغيضة هدفها التحذير من الأخطار، والتخفيف من وقع الكوارث، ومثال ذلك: في أثناء زلزال عام 1966 الذي ضرب سان فرانسيسكو، راجت واحدة من أسوأ الشائعات ما تبقى من المدينة، فقيل إن المد العالي أغرق مدينة نيويورك، وأن شيكاغو غرقت في بحيرة ميشيغان، وغيرها من الأقاويل، ورغم سوء وبغض هذه الشائعات، فإنها انطوت على وظيفة إيجابية، وهي أن هذه الكارثة قد أصابت مدنًا أخرى، ما يعني أن الجميع لهم نصيب من هذه المأساة وليس سكان سان فرانسيسكو فقط، ومن ثمَّ أسهمت هذه الشائعات في التخفيف من وطأة الكارثة على سكان المدينة، وتزول بزوال الغرض من وجودها، ثم ما تلبث أن تظهر من جديد لتخفِّف من وقع كارثة أخرى.
الفكرة من كتاب الشائعات… الوسيلة الإعلامية الأقدم في العالم
يستعرض الكتاب نشأة الشائعات ووظيفتها التي تقوم بها، وسبب انتشارها وتصديق الناس لها، ويذكر أنواعها، والقائمين على ترويجها، وكيف يتم تعطيل فاعليتها، فيأخذنا في جولة ممتعة خلال الكتاب، تبدأ من لحظة ظهور الشائعة ومصدرها، إلى زوالها وانتهاء دورها أو القضاء عليها.
مؤلف كتاب الشائعات… الوسيلة الإعلامية الأقدم في العالم
جان نويل كابفيرير: هو أحد المختصين في العلامات التجارية، وأحد مروِّجي المفاهيم الأساسية لإدارة العلامات التجارية الحديثة، له أحد عشر كتابًا عن الاتصالات والعلامات التجارية، منها:
The Luxury Strategy: Break the Rules of Marketing to Build Luxury Brands.
The New Strategic Brand Management: Advanced Insights and Strategic Thinking.
Strategic Brand Management: new approaches to creating and evaluating brand equity.
معلومات عن المترجمة:
تانيا ناجيا: مترجمة.
ومن ترجماتها:
تسلية الأذكياء.
الأسبرين: قصة استثنائية لعقار أعجوبي.