إثبات نسبة الكتاب لمصنِّفه
إثبات نسبة الكتاب لمصنِّفه
يقول علماء السنة: “قمِّش ثم فتِّش”، أي تأتي عمليات الفحص والنظر في شروط الصحة بعد جمع الروايات… وتمر عملية الفحص بمحطات تسلم بعضها بعضًا تبدأ بالتحقُّق من نسبة الكتاب الجامع لأخبار السنة لمصنِّفه عن طريق جمع مخطوطاته والمعلومات المتعلقة بكل مخطوطة ومقارنتها بشروط القبول حتى يُحكم بصحة نسبة الكتاب إلى مصنفه، ويكفي لمعرفة ذلك توافر نسخ خطية بخط المؤلف أو تلميذه أو تلاميذ تلميذه مسندة إلى الشيخ، وترجع إلى العصر الذي كُتِب فيه، أو توفِّر شروحات للكتاب محتوية نص الكتاب كاملًا ومسندًا إلى مؤلفه بسند ثابت.
فلو طبَّقنا هذا الكلام على كتاب مثل “صحيح البخاري”، فقد ذكر تلميذه الفربري أن الصحيح سمعه تسعون ألف رجل من الإمام البخاري نفسه، ويُوجد نحو ٢٣٢٧ نسخة خطية للصحيح في مكتبات العالم المختلفة منها ٢٢٦ في مكتبة الملك عبد العزيز في المدينة، والنسخة التي يروي منها البخاري وُجدت عند تلميذه الفربري وتداولها تلاميذه من بعده حتى بلغت رتبة التواتر في روايتها، فضلًا عن الروايات من الطرق الأخرى، وغير كتب المستخرجات التي خرَّجت نفس أحاديث البخاري من غير البخاري كمستخرج أبي نعيم الأصبهاني وغيره.
ويمكن تطبيق ذلك على أي كتاب آخر من كتب السنة، وقد درس المستشرق الألماني هارولد موتزكي “مصنَّف ابن عبد الرازق” من خلال علم “الببليوغرافيا” بمقارنة التواريخ وأسماء الرجال والأماكن في مصادر التاريخ المتعددة، فانتهى إلى القول إنه يستحيل تزييف أسانيد ذلك الكم من الرجال في مناطق جغرافية شتى خلال مدة طويلة.
الفكرة من كتاب دلالة العقل على ثبوت السنة النبوية من جهة النقل والرواية
السنة النبوية هي جملة الأخبار المروية عن النبي (صلى الله وعليه وسلم) ونُقِلت إلينا مباشرة أو بواسطة، وكان الغمز فيها والتشكيك في موثوقية مصادرها محصورًا في أبحاث المستشرقين وذيولهم ممن تأثروا بكتبهم، ولكن صارت موجة التشكيك في السنوات الأخيرة ذائعة وتلقى آذانًا صاغية نتيجة الابتعاد عن منابع الشريعة الأصلية ومظاهر التفلُّت من أحكامها بضغط الثقافة السائدة مع تفشي الجهل بالأسس والمنهجيات التي دُوِّنت بها السنة ونقلت.
وفي هذا الكتاب يوضح المؤلف الأدلة العقلية على ثبوت الأحاديث النبوية وصحة نسبتها إليه منذ خرجت من فمه الشريف (صلى الله عليه وسلم) مروروًا بعمليات التدوين والنقل والرواية والجمع حتى وصلت إلينا في دواوينها المعروفة، بما ينفي الريب عن المُشكِّك ويزيد إيمان المتيقِّن.
مؤلف كتاب دلالة العقل على ثبوت السنة النبوية من جهة النقل والرواية
وُلد الشيخ محمد بن خليفة الرباح في العاصمة الليبية طرابلس عام ١٩٧٤، وبدأ دراسته في مدرسة “النور القرآنية” حتى ختم القرآن الكريم، وكان له اهتمام بمؤلفات الشيخ الألباني، ثم هاجر عام ١٩٩٠ إلى سوريا والأردن والسعودية، فدرس على يد عدد من العلماء، من أمثال: الشيخ عبد القادر الأرناؤوط، وكتاب “إرشاد طلاب الحقائق” للنووي، وأخذ شرح كتاب “الباعث الحثيث” على يد الشيخ محمد عيد الدمشقي، كما لازم مجالس الشيخ ابن باز خلال مواسم الحج، وأخذ العلم الشرعي على كثير غير هؤلاء، وله مؤلفات ومحاضرات في العقيدة والفقه والسير وتحقيق الأخبار، ومنها: “التفويض في الصفات الإلهية بين أقوال السلف ودعاوى الخلف”، و”موقف شيخ الإسلام ابن تيمية من تارك الصلاة”.