أُسُس استقرار الزواج
أُسُس استقرار الزواج
والمعلوم أن المال والجاه يذهبان بالعقول، فهما حسبُ الدنيا بلا شك، وصاحبُ الثروة أو المنصب يحظى بالاحترام بين الناس وإن لم يكن أهلًا له، وهذا ما يظهر واضحًا عند التقدُّم لخطبة فتاة وما يراه أهلها في ذلك، فأغلبهم يرجِّحون كفة الثري ولو كان قليل الحظ من التديُّن والالتزام، لكن فلسفةَ الإسلام قد أشارت إلى غير ذلك، فالإسلام قد وضع الخُلُق والمروءة والشهامة كأصل في عشرة الرجال قبل جمال الهيئة ووجاهة المنظر وكثرة المال، وهذا ما فعله نبي الله شعيب مع موسى (عليهما السلام) لما زوَّجه ابنته بعدما ساعد ابنتيه.
لذلك يجب أن تُدرِك الفتاة أن الأولوية الأولى تكون لمن تجد فيه العشرة الطيبة، وتلك العشرة لا تأتي إلا برجل على قدر من الدِّين والخُلُق حتى يعاشرها بالمعروف ولا يبخسها حقها، فيبذل لها الود والعاطفة ويصونها ويكرمها ولا يهينها، وفي نفس الوقت يكون سويًّا يتحلَّى بالإدراك والمسؤولية، ويتعامل مع الأزمات، فلا يخفى علينا ما هو واضحٌ من تزايد نسبِ الطلاق لما تراه النساء من سوء عشرةٍ من الرجال وسوء خلق، بل ويصل الأمر إلى أنهن يعانين في أخذ حقوقهن بعد الطلاق منه.
ولتتعلم الفتاة مما قاله بعض العرب: “لا تنكحوا من النساء ستة، لا أنَّانة ولا منَّانة ولا حنَّانة، ولا تنكحوا حدَّاقة ولا برَّاقة ولا شدَّاقة”، فالأنَّانة التي تكثر الأنين والتشكِّي، والمنَّانة هي التي تمن على زوجها فتقول فعلت لأجلك كذا وكذا، والحنَّانة هي التي تحن إلى زوج آخر، والبرَّاقة هي التي تغضب على الطعام فلا تأكل إلا وحدها، لذا فالمرأة الصالحة تُدرك أن الزواج مثابرة ومسؤولية وليس مجرد رفاهية، وهو أفراحٌ وأتراح، فهذه أم المؤمنين خديجة (رضي الله عنها) كانت عونًا لزوجها، ورعته حتى في خلوته دون تأفُّف أو ضجر، وسارت معه في الطريق الوعر دون خوفٍ، وهي التي نصرته بكل ما تملك.
الفكرة من كتاب الزواج السعيد بين حسن الاختيار وعشرة الأخيار
“حقيقةً، إن أسهل شيء عند المرأة هذه الأيام هي أن تعلن استقلالها، وأنها تتساوى مع الرجل في العمل، أما بالنسبة لمنزلها وعائلتها، فهما يحتلان المرتبة الثالثة أو الرابعة، إن المأساة بالنسبة للمرأة، أن تتخلَّى عن إقامة بيت طيب سعيد”، هكذا نُسبِت هذه الكلمات إلى كاتبة إنجليزية ومتخصصة في شؤون المرأة، ولا يعني هذا الرأي تخلِّي المرأة عن حياتها وأهدافها، وإنما يشير إلى حقيقة تتمثل في وجود مسؤولية حقيقية تجاه الأسرة.
إن الزواج لم يكن أبدًا خطوة اعتيادية يخطوها المرء حين يظن أنه قد نضج عمريًّا فقط، بل هو مشروعٌ يحتاج إلى شخصٍ ناضجٍ وسوي، خصوصًا في هذا العصر الذي ارتفعت فيه نسب الطلاق والجرائم، ولقد عنِيَ الإسلام بمسألة الزواج وفصَّلها ليقدِّم ما فيه سعادة الزوجين وراحتهما، وذلك بدءًا من أول خطوة تتمثَّل في اختيار شريك الحياة، ثم عوامل استمرارية الزواج ونجاحه، وهذا ما يتطرَّق إليه ذلك الكتاب.
مؤلف كتاب الزواج السعيد بين حسن الاختيار وعشرة الأخيار
حاتم إبراهيم سلامة: هو كاتب صحفي مصري، تخرَّج في كلية أصول الدين بجامعة الأزهر بالقاهرة، ليبدأ حياته المهنية في مجال الصحافة والتأليف، إذ تخصَّصت كتاباته في عدة مجالات أبرزها التنمية الذاتية، والحياة الزوجية، ومن أهم مؤلفاته:
اقرأ.. رسالة الوحي الأولى.
آفات في بيت الزوجية.
التشجيع يصنع المعجزات.