أَمسك العصا من المنتصف
أَمسك العصا من المنتصف
إن تعلم المسؤولية من المهارات الحياتية المهمة في حياة الإنسان، ولحسن الحظ أنها مهارات يُمكن اكتسابها وتعلُّمها والتنشئة عليها منذ الصغر، فتنمو معنا حتى الكبر.
تتجلَّى مظاهر المسؤولية في حياة الأطفال في جوانب عدة، كمسؤوليتهم الدراسية ومسؤوليتهم تجاه المنزل وتجاه أصدقائهم وتجاه الطعام والشراب ونحو ذلك، ولا يعني تحملهم المسؤولية أننا سنختفي عن الصورة تمامًا، وإنما يبقى التوجيه والإرشاد، ولنضرب أمثلة على ذلك للتوضيح:
المثال الأشهر هو المثال المتكرِّر صباحًا، من إيقاظ الطفل مرارًا وتكرارًا لموعد المدرسة، وتصر كثير من الأمهات مع الصراخ والتأنيب على إيقاظ الطفل مرة بعد مرة حتى اللحظة الأخيرة، ولو أنها فعلت ذلك مرة واحدة ثم تركته يتولى مسؤولية استيقاظه بنفسه لما تكرَّر ذلك منه، نعم قد يفوته الموعد مرة واثنتين لكنه سيتعلَّم الدرس.
من الأمثلة أيضًا اختيار الطعام والشراب، وكما قلنا لا يعني ذلك أن تغيب الأم عن الساحة، فهي في الأساس مسؤولة عن إعداد الطعام لأبنائها، ولا يعني ذلك أيضًا فتح مساحة شاسعة أمام الطفل من الخيارات لأنه لن يستطيع اختيار شيء في النهاية، وإنما مثلًا إذا قرَّرت الأم طهو الدجاج فيمكنها أن تخيِّره بين كونه مقليًّا أو مشويًّا، وهكذا.
أيضًا مسؤولية أداء الواجبات المدرسية، وهذا النوع هو من أوله إلى آخره مسؤولية الطفل وحده، ثم المدرسة من بعده وليس للوالدين التدخُّل إلا إذا طلب الطفل المساعدة، أما ما يحدث من حل الوالدين للواجبات وتفقُّدهم لها طوال الوقت وربما أدائها عنهم أحيانًا فهذا مما لايعلِّمهم شيئًا، وإنما يربي فيهم الاتكالية والكسل.
ماذا عن الأصدقاء والصحبة؟ من الخطأ أن نفرض على أبنائنا أصدقاءهم لأنهم لن يستجيبوا لذلك، ولكن عوضًا عن هذا يُمكننا أن نبدي آراءنا وتخوُّفاتنا من أصدقائهم ونوجِّههم وننصحهم من غير تهكم أو سخرية أو إهانة لشخصهم.
في النهاية يعود أمر تحمل المسؤولية إلى البيئة التي يعيش فيها الطفل، نعني بذلك المنزل، فإذا كان تحمل المسؤولية روحًا عامة يتمتَّع بها أفراد الأسرة فإن تلك العدوى ستنتقل إليه وسيكتسبها بسهولة.
الفكرة من كتاب ابني لا يكفي أن أحبك: رحلة إلى قلب الطفل وعقله
لا تضمن لنا الحياة بمجرد الزواج والإنجاب أن نصبح آباء وأمهات صالحين وربما مثاليين، بل علينا أن نتعلم ونجتهد ونطبِّق ونقيِّم في عملية مستمرة ودوام كامل، ويستغرق ذلك سنوات طويلة نحتاج فيها إلى التحلِّي بالصبر والحكمة، ففي ظل دعوات هدم الأسر والعزوف عن الزواج والإنجاب نحتاج أن نخرج بنماذج أسرية ناجحة بنفوس سوية تعيد إلى الأسرة مكانتها المركزية في المجتمع.
مؤلف كتاب ابني لا يكفي أن أحبك: رحلة إلى قلب الطفل وعقله
سلوى المؤيد: بحرينية الأصل، درست الصحافة بجامعة القاهرة، ثم احترفت هذه المهنة من خلال عملها بوزارة الإعلام البحرينية كصحفية محترفة، ثم ككاتبة حرة في مختلف المجلات والصحف البحرينية والعربية، وكتبت في مواضيع مختلفة اجتماعية وتربوية وقصص ونحو ذلك، إلى جانب هذا الكتاب قامت بنقل كتاب “أب الدقيقة الواحدة” إلى اللغة العربية، كما كتبت قصة والدها الذاتية، وهو أحد أهم رجال الأعمال الحرة في البحرين.