أين هو؟ فأنا لا أراه!
أين هو؟ فأنا لا أراه!
لما كان السبيل لمعرفة غاية وجودنا هو المعرفة بأصلنا وبخالقنا، فهو من خلقنا وصنعنا وهو الأعلم بالغاية من صنعه كان ينبغي توضيح بعض الأمور والإجابة عن بعض الأسئلة، ومن أولها: إذا كان الله موجودًا، فلماذا لا أراه؟ لكن الرد على هذا السؤال يكون: هل رؤية الله هي السبيل الوحيد للمعرفة والعلم بوجوده؟
بما أننا بشر عاقلون لدينا من القدرة على الوعي لإدراك وجودنا وذواتنا ووجود غيرنا من الموجودات، فمن البديهي أن تتسع مصادر المعرفة لدينا، فهناك أشياء يمكن إدراكها بالحس وأخرى بالعقل وثالثة لا سبيل لمعرفتها إلا عن طريق الخبر اليقيني الصادق.
فصلة الموجودات بالمعرفة والإدراك البشري يمكن تقسيمها إلى ثلاثة مستويات: أولها موجودات يمكن تحصيل المعرفة عن طريق الحس المباشر وتسمى “محسوسات”، والثاني موجودات غير واقعة تحت الحس المباشر مع إمكان العلم بها عن طريق آثارها، وتسمى “معقولات” لأن للعقل تعلُّق في إدراكها.
والنوع الثالث موجودات غير واقعة تحت الحس المباشر وليس للعقل مدخل لمعرفتها لا عن طريق آثارها، ولا عن طريق القياس العقلي على موجودات أخرى، وتسمى “السمعيات” لأنه لا سبيل إلى معرفتها والعلم بها إلا عن طريق الخبر الصادق.
ولما كان الحديث عن الخلق والخالق لا يقع تحت الحس المباشر أدركنا بداهةً أن العلم والمعرفة هاهنا يقعان إما عن طريق العقل بمبدأ السببية الذي ذكرناه آنفًا وإما عن طريق الخبر الصادق أو كما نسميه الوحي.
الفكرة من كتاب لماذا نحن هنا؟ تساؤلات الشباب حول الوجود والشر والعلم والتطور
“لماذا نحن هنا؟ سؤال صعب.. سؤال يراودني”.. لو كنت استمعت إلى هذه الأغنية في الصغر، ستتذكَّر معي كيف كان وقعها علينا لما كانت تُعرَض على “سبيستون Spacetoon” وتتردَّد كلماتها هذه على مسامعنا، وتتذكَّر كيف كنا نردِّدها وقتها بكثيرٍ من الفرح والسعادة منسجمين مع النغمات والألحان.
والآن لمَّا صار الزمان غير الزمان صار لهذه الكلمات وقعٌ مختلفٌ عند سماعها وعند ترديدها. ولما حدث ذلك كان لزامًا على أهل العلم والصلاح أن يقدِّموا الإجابات، وفي هذا الكتاب عمد المؤلف إلى جمع أغلب تساؤلات الشباب حيال الوجود والخلق والخالق والغاية من وجودنا والإجابة عنها بما يعين الشاب، ويزيل عنه الشك والارتياب ويثبته على دينه.
مؤلف كتاب لماذا نحن هنا؟ تساؤلات الشباب حول الوجود والشر والعلم والتطور
إسماعيل عرفة: كاتب، وطبيب صيدلي له اشتغال بالصحافة المعرفية والترجمة، وباحث مهتم بالظواهر الاجتماعية والقضايا الفكرية المعاصرة.
ومن مؤلفاته: الهشاشة النفسية: لماذا صرنا أضعف وأكثر عرضة للكسر؟ وترجم كتاب “صنع الدولة الحديثة” لبريان نيلسون والصادر عن دار عالم الأدب في عام 2019م.