أين نضع التنبيهات؟
أين نضع التنبيهات؟
علمنا أن قراراتنا تخضع يوميًّا لمؤثرات لا حصر لها من الممكن أن تنحرف بهذه القرارات بعيدًا عن الصواب، وهنا تأتي أهمية التنبيهات في التعامل مع هذه المؤثرات وجعلها لنا لا علينا، ومن بين قراراتنا المختلفة يوجد ما هو في حاجة ماسة إلى مراعاته وإرفاقه بالتنبيهات، مثل: القرارات المتعلقة بالمحافظة على عادات إيجابية كممارسة الرياضة، وتنظيف الأسنان، واتباع نظام غذائي صحي، أو التخلص من العادات السلبية كالتدخين، وإدمان الهاتف.
وإذا كنت تتساءل “لماذا هذه القرارات بالتحديد؟” فلأنها تتعلق بشدة بقدرة النفس على الانضباط ومقاومة الإغراءات الحالية، فعندما يوجد فاصل زمني بين الفعل ونتيجته تصبح النفس أقل قدرة على الالتزام به، وهنا يأتي دور التنبيهات لتسهيل طرائق الالتزام والمساعدة على تخطي عقبة الإغراءات. كما تزداد حاجتنا إلى التنبيهات كلما زادت درجة صعوبة الشيء الذي نتعلمه أو نفعله، وكذلك نحتاج إلى تنبيه عندما يكون القرار من النوع الذي يُؤخذ مرة واحدة في العمر، مثل: اختيار مجال الدراسة والعمل والزواج وشراء المنازل أو السيارات، لأن مثل هذه القرارات ليس فيها مجال للتجربة أكثر من مرة حتى تكتشف وتتعلم ثم تصحح، وإن أتيح التعديل مرة فلن يتاح أخرى على الأغلب.
كما أننا نحتاج إلى التنبيه عندما يكون الوضع غير مهيأ لتقديم تغذية راجعة جيدة | feedback، ونشبه الأمر بشخص يزور المطعم نفسه ليطلب الوجبة نفسها كل مرة، ولأنه لا يحصل على مراجعة كافية لاختياره والاختيارات الأخرى المتاحة، فقد لا يعرف بوجود مطاعم أفضل أو حتى وجبات أفضل في المطعم نفسه، وإذا تطرقنا إلى مثال آخر فقد نجد شخصًا يتناول يوميًّا كمًّا كبيرًا من السعرات الحرارية ولا يمارس أية رياضة، واستمر على هذا فترة طويلة حتى انتهت به الحال إلى أزمة قلبية مفاجئة، لكن ماذا لو كان يتلقى تنبيهات بشكل دائم بأن سعراته الحرارية زائدة على حاجته بنسبة كذا، وأن ذلك يساهم في إصابته بأمراض مختلفة ويؤثر سلبًا في جودة حياته وقدرته على ممارسة أنشطته المختلفة؟ أليس من الممكن أن توقظه هذه التنبيهات وترجعه عن الاستمرار إلى الهاوية؟ وكذلك فنحن بحاجة إلى التنبيهات إذا أقبلنا على شيء ليس لنا سابق تجربة أو خبرة به، كطلب وجبة من مطعم في بلد نزوره لأول مرة.
الفكرة من كتاب التنبيه.. تحسين القرارات بشأن الصحة والثروة والسعادة
هل تثق بقراراتك ثقة عمياء؟ هل ترفض نصائح الآخرين بدعوى الحرية؟ ماذا لو نبهك أحدهم لأنك تسير في الاتجاه الخطأ أو أن ثمة طريقًا أقصر من الذي تسلكه؟ هل تتجاهل التنبيه وتصر على اتباع مسلكك؟ إذا كانت إجاباتك “نعم” أو حتى “لا” فهذا الكتاب بالتأكيد لك، ولا أريدك أن تنتظر كثيرًا حتى تبدأ رحلتك وتطلع على عالم القرارات والاختيارات والتنبيهات.
مؤلف كتاب التنبيه.. تحسين القرارات بشأن الصحة والثروة والسعادة
ريتشارد هـ. ثالر | Richard H. Thaler: هو اقتصادي أمريكي حصل على جائزة نوبل في العلوم الاقتصادية عام 2017 لمساهماته في الاقتصاد السلوكي، وقد عمل أستاذًا للعلوم السلوكية والاقتصاد في كلية بوث للأعمال بجامعة شيكاجو، وتهتم أبحاثه بإيجاد الصلة بين الاقتصاد وعلم النفس وسيكولوجية اتخاذ القرار. ومن مؤلفاته:
Misbehaving: The Making of Behavioral Economics
The Winner’s Curse: Paradoxes and Anomalies of Economic Life
كاس ر. سنشتاين | Cass R. Sunstein: هو أمريكي متخصص في القانون والاقتصاد السلوكي، عمل أستاذًا في كلية الحقوق بجامعة شيكاجو لمدة 27 عامًا، كما كان أستاذًا بجامعة Robert Walmsley في كلية الحقوق بجامعة هارفارد، وكذلك كان مديرًا لمكتب البيت الأبيض للمعلومات والشؤون التنظيمية في ظل إدارة أوباما منذ عام 2009 إلى عام 2012. ومن مؤلفاته:
Sludge: What Stops Us from Getting Things Done and What to Do about It
Decisions about Decisions: Practical Reason in Ordinary Life
معلومات عن المترجم:
عمر سعيد الأيوبي: عمل بالترجمة لما يزيد على خمسة وعشرين عامًا، وله عديد من الترجمات مثل: “الاستراتيجية التنافسية: أساليب تحليل الصناعات والمنافسين”، و”خرافة التنمية: الاقتصادات غير القابلة للحياة في القرن الواحد والعشرين”، و”الموت الأسود”.