أين تذهب الفوائض الغذائية في البلدان المتقدمة؟
أين تذهب الفوائض الغذائية في البلدان المتقدمة؟
كنتيجة للتقدم التكنولوجي الهائل في بعض البلدان الرأسمالية وزيادة الاستثمارات الرأسمالية الكثيفة في القطاع الزراعي، زادت الإنتاجية الزراعية بشكل كبير في تلك البلدان، حيث فاضت عن الاحتياجات المحلية، وهنا يجدر بنا السؤال: أين ذهبت تلك الفوائض الغذائية؟ وللإجابة عن هذا السؤال نجد أن من المعلوم أن جهاز الأسعار في الاقتصاد الرأسمالي يعد بمثابة قرني الاستشعار للمنتجين لتوجيه إنتاجهم إلى الشريحة المستهدفة التي تمثل قوة شرائية عالية، وعلى ذلك فجزء من الموارد الغذائية تم توجيهه إلى الطبقة الأكثر غنى في المجتمع متجاهلة بذلك الاحتياجات الغذائية الأساسية للفقراء.
وقد حاول البعض الاستفادة من الفوائض في المحاصيل الغذائية واستخدامها بمثابة أعلاف للماشية كنوع من خفض التكلفة في عملية الاستثمار لإنتاج البروتين الحيواني أو صناعة تسمين الدجاج أو حتى إنتاج المشروبات الكحولية في تجاهل تام لاحتياجات الفقراء من المحاصيل الغذائية، فبدلًا من علاج مشكلات سوء التغذية كان يتم تحويل الفائض الغذائي لإطعام الماشية!
ولا يعترف الاقتصاد الرأسمالي إلا بما يسمى الطلب الفعال، أي الطلب المقترن بالقوة الشرائية المطلوبة ولما كانت القوى الشرائية لمجموع الشعوب بالدول النامية أضعف من أن تمثل سوقًا داخلية لتصريف الناتج المحلي وجَّه المنتجون فائضهم الغذائي إلى التصدير بحثًا عن أسواق مربحة.
وقد تعمدت بعض الدول والمنتجين التخلص من فوائضهم الإنتاجية من بعض المحاصيل الغذائية عبر إلقائها في القمامة أو البحر أو تقليل المساحات المزروعة، وذلك منعًا لتحقيق زيادة في المعروض، فتنخفض الأسعار، ومن ثَمَّ تقل الأرباح، كما أن المنتجين الذين واجهوا شروطًا صعبة للدخول إلى الأسواق المشبعة تعمدوا التخلص من إنتاجهم بدلًا من الرجوع إلى أسواقهم المحلية المعدمة.
الفكرة من كتاب صناعة الجوع.. خرافة الندرة
“في الوقت الذي تنتج فيه الأرض ما يكفي لإطعام ساكنيها وأكثر، يعيش عليها نصف مليار جائع!”.
يناقش هذا الكتاب أزمة الغذاء العالمية، فيبيِّن بالأمثلة العملية والتاريخية أن الجوع هو صناعة، مثله مثل أي صناعة أخرى، هناك من يستفيد ويكسب ربحه منها، فتصدير الجوع والحروب والأمراض إلى دول بعينها يفتح بابًا من أبواب الربح والتجارة في هذه البلدان لبعض المستفيدين.
مؤلف كتاب صناعة الجوع.. خرافة الندرة
فرانسيس مورلابيه: مؤلفة بريطانية، اشتغلت بالبحث والكتابة في قضية الغذاء على مستوى العالم منذ عام ١٩٦٩، وقد تُُرجم كتابها الرائج “غذاء لكوكب صغير” إلى لغات عدة، ونشرت أيضًا مقالات كثيرة في مجلات أكاديمية وغير أكاديمية.
جوزيف كولينز: مؤلف وكاتب بريطاني، قام بدراسة خاصة عن الشركات المتعددة الجنسيات وسياسات حكومات العالم الأول في مناطق العالم الثالث، وقد تعاون مع آخرين في تأليف كتاب بعنوان “المدى العالمي.. قوة الشركة متعددة الجنسيات”.