أيديولوجيا الاتصال بديلًا من جميع الأيديولوجيات السياسية الأخرى
أيديولوجيا الاتصال بديلًا من جميع الأيديولوجيات السياسية الأخرى
تعد الحربان العالميتان الأولى والثانية والفترة التي بينهما شواهد على وجود تدهور أخلاقي حقيقي لا يمكن إنكاره، إذ بات واضحًا أن البربرية صارت محور جميع الأيديولوجيات النازية والشيوعية وحتى الليبرالية، لذا طرح واينر سؤالًا عن ماهية الإنسان، ودعا إلى إعادة اكتشاف الإنسان الحقيقي وطبيعته من خلال التأسيس على أن الاتصال هو الحل، ومن هنا وُجدت “الأيديولوجيا الاتصالية” بديلًا من جميع الأيديولوجيات التي ساهمت في ظهور البربرية، فهي أيديولوجيا دون دم أو ضحايا، لأن عدوها ليس طرفًا بشريًّا، بل الفوضى وقلة التنظيم وحجب المعلومات.
وبذلك وضع واينر أساسًا لأنثروبولوجية جديدة للإنسان والآلات محكومة بثلاثة محاور رئيسة، أولًا “الاختيار بين الجمود والقدرة على التعلم”: فالنظام الجامد هو نظام معزول مغلق ليس له اتصال بالخارج، ومن ثمَّ سوف يؤدي إلى حالة من الفوضى لعدم قدرته على التعلُّم، بينما إطلاق طاقات التعلُّم الكامنة في الإنسان والآلات من خلال تبادل المعلومات مع البيئة المحيطة يجعل كلًّا من الإنسان والآلة قادرين على تعديل سلوكهما تبعًا لتحليل نتائج عملهما، ثانيًا “سرية المعلومات مقابل وضوحها”: فالمجتمعات يمكن فهمها من خلال شفافيتها، لذلك لا بد من الوصول إلى المعلومة بكل سهولة ووضوح، ثالثًا “تخزين وتثبيت المعلومات مقابل حركتها”: فأي محاولة لتخزين المعلومات ووضع عوائق أمام تداولها يؤدي بالضرورة إلى التأخر الاجتماعي، فالمحافظة على حرية الاتصال هي سر تماسك المجتمعات واستمرار الحضارات، لذا لا بد من العمل على منع تقييد تداول المعلومات وتخزينها لأهداف تجارية وجني الأرباح، كما لا بد من الحد من سياسات براءات الاختراع التي تقيد الاختراع وتبطئ من عملية الابتكار، لأن التضييق على حرية تداول المعلومات هو المعنى الحقيق للتخلف.
أدت أفكار واينر إلى حلول الآلة محل الإنسان الذي مُني بالفشل بسبب النظم الاجتماعية التي أصبحت شديدة التعقيد بحيث لا يستطيعون إدارتها، فالعقل البشري أصبح غير قادر على تفسير الظواهر الاجتماعية من خلال الاستدلال والمجادلة والتخمين، وبالفعل عُهد إلى الآلات كثير من المهام التي كان البشر ينجزونها، وأصبح تدخل العنصر البشري في أضيق الحدود.
الفكرة من كتاب ثورة الاتصال.. نشأة أيديولوجية جديدة
يستعرض الكاتب تقنيات الاتصال عبر التاريخ بداية من الكتابة والخطابة، ومرورًا بالكتب والطباعة والبرق، ووصولًا إلى التليفون والتليفزيون والكمبيوتر، كما يُبين أسباب ظهور ثورة الاتصال كأيديولوجيا دون دم أو ضحايا بديلة من الأيديولوجيات السياسية الأخرى التي تسببت في نشوب الحروب العالمية وقتل ملايين البشر خلال القرن الماضي، إضافة إلى ذلك يشرح الدور الذي تقوم به وسائل الاتصال والإعلانات بالتأثير في الجمهور وتوجيهه نحو الاستهلاك.
مؤلف كتاب ثورة الاتصال.. نشأة أيديولوجية جديدة
سيرج برو: دكتور في علم الاجتماع، وأستاذ في كلية الإعلام بجامعة كيبيك في مونتريال، وأستاذ مشارك في Telecom Paris Tech ومدير مجموعة الأبحاث ومرصد استخدامات وثقافات الوسائط (GRM)، من مؤلفاته:
Web social: Mutation de la communication.
La contribution en ligne: Pratiques participatives à l’ère du capitalisme informationnel.
فليب بروتون: باحث في مختبر CNRS، وأستاذ بجامعة ستراسبورج في المركز الجامعي لتعليم الصحافة، ومؤلف لعديد من الكتب، منها:
الحجاج في التواصل.
تاريخ نظريات الحجاج.
LE SILENCE ET LA PAROLE.
معلومات عن المترجمة:
هالة عبد الرؤوف مراد: مترجمة، ومن ترجماتها:
الثورة تحت الحجاب (النساء الإسلاميات في إيران).