أوَّل صبي مسلم
أوَّل صبي مسلم
لم يعرف علي – رضي الله عنه – عبادة الأصنام ولم يسجد لصنم قطُّ، فقد تربى في بيت خاتم المرسلين – صلى الله عليه وسلم – الذي كان يتعبد بعبادة الحنيفية قبل البعثة بزمن يسير، فعرف عليٌّ منه هذه العبادة في سن مبكرة ولم يعرف عبادة أبيه، فصدق فيه القول القائل “إن عليًّا كان المسلم الخالص على سجيته المثلى، وإن الدين الجديد لم يعرف أصدق إسلامًا منه ولا أعمق نفاذًا فيه”.
وكاد بر النبي بعمه أن يكون عائقًا لإسلام علي، فقد كان النبي لا يريد للصبي أن يتعود أن يخفي عن أبيه شيئًا، وإن كان في سبيل الهداية والخير، إلى أن علم أبو طالب بالدعوة فنصرها وأمر عليًّا باتباع الرسول – صلى الله عليه وسلم – فدخل في الدين الجديد من غير تردد، وحَسُنَ إسلامه علمًا وفقهًا وعبادةً، فكان خير مسلم في قلبه وعقله وعمله، وانفرد عن غيره بالتفكر والتأمل، وكانت عبادته كالرياضة تريحه وليست أمرًا مكتوبًا عليه. آثر الخير كما يراه لا كما يراه الناس، فكان ممن يبتغون رضوان الله والدار الآخرة.
عُرِف الإمام بالورع والتقوى حتى مع خصومه وتجلى ذلك في المحاجاة بينه وبين النصراني في أمر الدرع، فالحق عنده لمن استحق وإن آذاه، وصف الكاتب الإمام علي بأنه أبو علم الكلام في الإسلام، وأول من وضع أسس التصوف والزهد، وأول دعا إلى إعمال الفكر والنظر في الكون من منظور القرآن، فلا يركن في اجتهاده على وحي بصيرته ومزاجه ولكن على سنة النساك والعلماء.
الفكرة من كتاب عبقرية الإمام علي
“لقد تربى علي بن أبي طالب في البيت الذي خرجت منه الدعوة الإسلامية، وعرف العبادة من صلاة النبي وزوجه الطاهرة قبل أن يعرفها من صلاة أبيه وأمه”.. يتناول العقاد شخصية الإمام علي بالدراسة والتحليل من جهة الفكر تارة، ومن جهة العاطفة تارة أخرى، فهو الإمام ذو الفطنة؛ فعلمه غزير وقوله فصل وحكمه عدل ونطقه حكمة، وهو الفقيه الزاهد الثابت على الحق، رابع الخلفاء الراشدين وأحد العشرة المبشرين بالجنة.
مؤلف كتاب عبقرية الإمام علي
عباس محمود العقاد: أديب ومفكر وصحفي وشاعر مصري، يعدُّ أحد أهم كتَّاب القرن العشرين، ساهم على نحو كبير في الحياة الأدبية والسياسية، ومنحه الرئيس جمال عبد الناصر جائزة الدولة التقديرية في الآداب، غير أنه رفض تسلمها كما رفض الدكتوراه الفخرية من جامعة القاهرة.
من أهم مؤلفاته: “سلسلة العبقريات والفلسفة القرآنية والتفكير فريضة إسلامية وأنا” وغيرها من الكتب، وله رواية واحدة بعنوان “سارة”.
ولد العقاد في أسوان عام 1889م، وتوفي في القاهرة عام 1914م، بعد أن أثرى المكتبة العربية بأكثر من مائة كتاب في مختلف المجالات.