أولى موجات المستقبل
أولى موجات المستقبل
حينما ينتهي النموذج التجاري الأمريكي سيصبح العالم دون إمبراطورية تحكمه، وسوف توجد عديد من المراكز للنظام التجاري حول العالم، وتصبح كل دولة مسؤولة عن تنظيم أنظمتها الداخلية، سيشيع في هذه الحقبة من المستقبل استخدام التقنيات المتطورة، ويعمم استخدام الآلة في عديد من مجالات الحياة اليومية، كقيادة السيارة وأداء المهام المنزلية، ونتيجة شيوع الأجهزة الرقمية ستصبح تصرفات الأفراد تحت المراقبة بشكل دائم، سوف يزداد نفوذ الشركات الخاصة، وتتحكم في قوانين الدول لتتحول الدول إلى سلعة تُباع لمن يدفع أكثر، والدول التي تمتلك ولاءً كافيًا من مواطنيها أو تتبنى قيمًا مخالفة لقيم السوق هي وحدها التي يمكنها مقاومة هذا المصير.
سيقل عمر الشركات ويزداد عدد الشركات المؤقتة التي تهدف إلى تحقيق الربح في مدةٍ زمنيةٍ قصيرة، وسوف تستعين هذه الشركات بعمال مؤقتين، ثم تستغني عنهم عقب الانتهاء من مهمتهم.
كما سيصبح العمل المبدع هو المصدر الرئيس للثروة، وستمارس عديد من الشركات أنشطة غير مشروعة لتحقيق الربح، وتعتمد الشركات المتبقية في الأسواق على قوة علامتها التجارية وولاء عملائها، وستسعى الشركات إلى نقل أعمالها إلى العالم الافتراضي أو إلى دول خارج دول المنشأ لديها نظام ضريبي أفضل لتحقيق معدلات أعلى من الربح.
لن تجد الأيدي العاملة مكان عمل ثابتًا وستشعر بالخوف الدائم وعدم الأمان، وستبدأ الحاجة تزداد إلى صناعات الترفيه للهروب من الواقع، وصناعات التأمين للبحث عن الأمان الزائف.
سيتحول العالم إلى سوق ضخمة يسعى الإنسان فيها إلى الحصول على سعادته الفردية دون اعتبار للآخرين، ويظل شعور العزلة والوحدة ملازمًا لإنسان هذا العالم، ويزداد استهلاكه وإقباله على صناعات الترفيه ليتغلب على هذا الشعور بالوحدة، وستصبح الشعوب الفقيرة فريسة لأصحاب الشركات والفاعلين السياسيين.
الفكرة من كتاب قصة موجزة عن المستقبل
يتقرر اليوم ما سيكون عليه العالم خلال الأعوام القادمة، وبحسب النهج الذي سوف تنتهجه المجتمعات سيتحدد ما إذا كانت الأجيال القادمة ستعيش في عالمٍ قابل للحياة، أم في عالم قد تدمرت معالمه.
يعيش العالم اليوم تحت سطوة النظام التجاري الذي جعل من الأنا والذات الفردية قيمًا مطلقة، وجعل حياة الأفراد أكثر انعزالًا وفقرًا، وحياة المجتمعات أكثر قسوةً وفوضى.
ولن تظل حال هذا العالم على ما هي عليه لكثير من الوقت، إذ تحمل تنبؤات المستقبل عديدًا من الأمور غير السارة التي تفيد أن العالم سيداوم على التغيير نحو ما هو أعظم من ذلك.
ولا يمكن تجنب العالم لهذا المصير غير السار دون محاولة فهم الأسس التي حكمت التاريخ على مدار القرون السابقة، لمعرفة أبرز التوقعات التي تتعلق بموجات المستقبل.
يحتوي هذا الكتاب على سرد تاريخي قصير لبعض الأحداث البارزة في الماضي التي كان لها أثر في ما وصل إليه العالم بشكله الحاضر، وأبرز التوقعات حول الخمسين عامًا القادمة في المستقبل.
مؤلف كتاب قصة موجزة عن المستقبل
جاك آتالي: كاتب وباحث وروائي فرنسي، حصل على الدكتوراه في علم الاقتصاد، وعمل أستاذًا في إحدى الجامعات المرموقة، كما عمل مستشارًا لأحد رؤساء فرنسا لما يقرب من العشرين عامًا، وعمل رئيسًا لإحدى المؤسسات المالية الكبرى.
له عديد من المؤلفات في السياسة والاقتصاد والأدب والفن، ومنها:
كتاب كارل ماركس أو فكر العالم.
كتاب غدًا، من سيحكم العالم؟
رواية أخوية اليقظانين.
معلومات عن المترجم:
نجوى حسن: حصلت على ليسانس حقوق من جامعة القاهرة، ثم حصلت على دبلوم في العلوم السياسية من جامعة باريس الثانية، لها عديد من الترجمات عن اللغة الفرنسية، كما ترجمت عديدًا من الملفات السياسية حول موضوعات العولمة والمستقبل.