أهمية تحصيل الثقافة
أهمية تحصيل الثقافة
تكمن أهمية تحصيل الثقافة وبخاصة الثقافة الدينية في تكوين منظور صحيح عن الحياة بعيدًا عن الأوهام والأخطاء، فيفهم المرء بسهولة القضايا الكبرى التي شغلت الفكر الإنساني ويستلهم من التاريخ السنن الكونية، ويستطيع التوفيق بين حقائق الدين والعلم الطبيعي، وعلى النقيض من ذلك فالثقافات الغربية كاليونانية وفلسفات عصر التنوير وعصر النهضة ومناهج العصور الحديثة لم تُقدم للإنسان أي تصور صحيح عن الحقيقة الإلهية ولم تُقم له المسؤولية الأخلاقية على أساس يتميز بالثبات والكلية والشمول من ناحية أخرى.
والمثقف بالثقافة الإسلامية الجيدة سيقف على رأي الإسلام الصحيح في القضايا المهمة كعلاقة المسلم بغيره، والنظام الإسلامي في الحكم، ومنزلة المرأة في الإسلام وحقوقها وواجباتها، وكيفية تكريم الإنسان في الإسلام، وموقف الإسلام من الرق، والقضية الفلسطينية وغيرها، ومن كانت ثقافته ضحلة في تلك القضايا فسيظل تائهًا تختلط عليه الأمور وتوجِّهه وسائل الإعلام حيثما شاءت بما تقذفه في عقله من آراء وأفكار، ومن ثم يختلط عليه الحق بالباطل.
وقد سهلت وسائل الإعلام ووسائل الاتصال الحديثة وسهولة السفر الاختلاط بثقافات الشعوب الأخرى، وعلى رأس هذه الثقافات الثقافة الأمريكية لإمساكها بزمام القيادة العالمية، وانتشار لغتها في معظم بلدان العالم، وانفرادها بصناعة الأفلام الكرتونية لمدة عقود.
وصاحب الثقافة الجيدة قادر على المشاركة في توجيه مجتمعه نحو الخير والرشاد والصلاح، وتجنيبه كثيرًا من الشرور والمفاسد، بخلاف صاحب الثقافة الضعيفة فيكون جاهلًا عن كثير مما يحيط به، عاجزًا عن إبداء الرأي في القضايا المهمة والمشاركة الفعالة فيها، وتضفي الثقافة الجيدة على صاحبها سعة الأفق وحسن التصور وذلك تبعًا لتنوع المعلوم وشموله، فالعالمِ بشيء إن لم يهتم بالعلوم الأخرى فسيؤدي ذلك إلى ضيق الأفق وسوء التصور.
وأهم ما يميز الثقافة الإيمانية ما تمنحه للمرء من توازن في شخصيته وشمول في معارفه، فهي لا تتقوقع على نفسها ولا تهتم بشيء دون الآخر، بل تتناول حياة المرء من كل جوانبها دون إهمال للعقل، ولا تعظيم للمال لذاته ولا تفريط في الحقوق ولا إفراط في المشاعر ولا تعدٍّ على الحرمات ولا تضخيم للجزيئات ولا اقتصار على الكليات، بخلاف الثقافات الأخرى التي لم تُؤسَّس على دين، ولا تستطيع بناء الدنيا بناءً صحيحًا بحيث يصون المجتمع من خطر الإفراط المؤدي إلى الغلو أو خطر التفريط المؤدي إلى التساهل والتفلُّت.
الفكرة من كتاب الثقافة الآمنة
كَثُر في الآونة الأخيرة الحديث عن الثقافة، وقُسِّم الناس إلى مثقفين وغير مثقفين، ومُجِّد المثقفون عن غيرهم، وأصبحت المجتمعات تُوزن بقدر ما فيها من المثقفين وبمقدار ما ينتشر فيها من الثقافة، كل ذلك دون وجود مقياس واضح أو تعريف محدد لمصطلح “الثقافة”.
وفي هذا الكتاب يستعرض الكاتب مفهوم الثقافة، وآليات التحصيل والبناء، ومن يكون المثقف، وما عقبات انتشار الثقافة، وسنتناول ذلك بشيء من التفصيل.
مؤلف كتاب الثقافة الآمنة
محمد بن موسى الشريف: داعية إسلامي سعودي، وطيار، وكاتب، وباحث في التاريخ الإسلامي، ومتخصص في علم القرآن والسنة، وُلد في جدة عام1961م، جمع بين عدة أعمال، فإضافةً إلى كونه طيارًا مدنيًّا، فقد تمكَّن من إكمال الدراسة الأكاديمية الشرعية وحصل على الدكتوراه في الكتاب والسنة، وحفظ القرآن الكريم وأجيز في القراءات العشر، واعتقلته السلطات السعودية في أكتوبر 2017م.
له العديد من المؤلفات منها: “المرأة الداعية”، و”عجز الثقات”، و”مقياس العمل المؤثر”، و”الأمن النفسي”، و”التنازع والتوازن في حياة المسلم”، و”ظاهرة التهاون في المواعيد”، و”كيفية قراءة التاريخ وفهمه”، و”اللطائف والنوادر”، و”ذكريات طيار”.