أهمية القراءة
أهمية القراءة
لقد أصبحت القراءة في العصر الحديث أمرًا حيويًّا لا يمكن الاستغناء عنه، فالقراءة اليوم حاجة وليست ترفًا، فهي تمدُّنا بالمعلومات التي لا بد منها لنعيش، كما تساعدنا على حل كثير من المشاكل التي تواجهنا، وهي الوسيلة الوحيدة التي نستطيع بها أن نستفيد من تجارب الغير، كما أنها سبيل إلى المتعة اللذيذة، والتسلية الطريفة، والتفكير الجميل، وإن الشعب الذي لا يقرأ لا يستطيع أن يعرف نفسه، ولا حتى غيره من الشعوب، وهو بذلك لا يستطيع أن يتآلف ويتحاب، لأن الإنسان بطبعه عدو لما يجهل وكذلك الشعوب، وإن الاستفادة من تجارب غيرنا لا يمكن أن تصل إلينا عبر المحيطات والقارات إلا عن طريق القراءة.
لما نزل الوحي على نبينا الكريم مُحمد (ﷺ) في غار حراء، كانت أول كلمة قالها هي: ﴿اقْرَأْ﴾ وليس هناك أجلُّ وأقدس من هذا، ليوضِّح لنا أهمية القراءة، ولقد بلغ من إجلال الإسلام للكتاب والعلم أن أقسم الله (عز وجل) بالقلم في قوله تعالى: ﴿ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ﴾، كما أن الكتب لها العديد من الأهداف، فهي تعلمنا ما لا نعلم، وتوحي إلينا بما نحتاجه في هذه الحياة، كما أنها تسمو بمشاعرنا ومداركنا إلى ما يجب أن نسمو إليه من رفعة وطهر، والقراءة هي نوع من المران العضلي للعقل، فالمعلومات التي تقرؤها لا تأتي من تلقاء نفسها، لتدخل إلى كيانك ووجودك، ولكنك أنت من تمدُّ عقلك إليها، وبهذا ينشط عقلك ثم يتعوَّد النشاط، ويمتد إلى أبعد من ذلك، وكل الكتب التي تقوم بقراءتها تتصل وتتلاقى في آخر الأمر في عقلك، مكوِّنة مدينة عقلك وخيالك التي تبنيها أنت كيفما تريد.
وإن الكتب ليِّنة حلوة الطبع رقيقة المعشر، فخذ منها ما تأخذ ودع منها ما تدع، ولا تُرغِم نفسك بأي حال من الأحوال على قراءة ما لا تحب، لأن الإلزام يُفقِد القراءة لذَّتها، وخذ الكتاب في انشراح وبساطة، واعلم أنك دائمًا تستطيع أن تتركه أو تغيره وقتما تشاء، كما أن السبيل إلى تشويق الناس للقراءة يكمن في الإرشاد الرقيق اللطيف والابتعاد عن الإرغام، والقراءة مثل الطعام تناولها على مهلٍ؛ كي تستطيع الاستفادة منها على أكمل وجه.
الفكرة من كتاب العالم بين دفَّتي كتاب.. دراسات في فن القراءة
هل تقرأ؟ وإن كانت إجابتك بنعم، فهل تقتصر قراءتك على قراءة الصحف اليومية؟ أحب أن أخبرك أن هذه ليست القراءة التي أقصدها، بل المقصود هنا هو قراءة الكتب، وإن كنت تقرأ الكتب، فماذا تقرأ؟ ولماذا تقرأ؟ وكيف تقرأ؟ وكيف تختار كتابًا لتقرأه؟ جميع هذه الأسئلة الكثيرة تدور في خلد العديد من الناس، ولا يقتصر الأمر على القراء فقط، بل حتى غير القرَّاء الذين يرغبون في البدء في القراءة، ولكنهم لا يعرفون السبيل إلى ذلك.
ولذا جاء هذا الكتاب ليقدِّم لنا دليلًا عن كيف تنمِّي مهارة القراءة لديك، وتجعلها قراءة مثمرة، كما تحدَّث عن تاريخ الكتب والقراءة والمكتبات في العالم، وهذا الكتاب هو جهد من جهود التشجيع والحثِّ على القراءة، ونبراسًا يعينك على التغلُّب على مشاقِّها، ويضاعف متعتها والفائدة المكتسبة منها، وقد كان هذا الكتاب نتاج مؤتمر تعاون نحو سبعين معنيًّا بالأمر في كتابته، وقامت الدكتورة “سهير القلماوي” بترجمته، وأضافت إليه الكثير ليناسب القرَّاء في الوطن العربي.
مؤلف كتاب العالم بين دفَّتي كتاب.. دراسات في فن القراءة
سهير القلماوي : روائية وكاتبة ومترجمة وناقده أدبية وسياسية بارزة مصرية، كانت من أوائل السيدات اللائي ارتدن جامعة القاهرة، وفي عام (1941) أصبحت أول امرأة مصرية تحصل على الماجستير والدكتوراه في الآداب لأعمالها في الأدب العربي، وبعد تخرُّجها، عيَّنتها الجامعة كأول مُحاضِرة تشغل هذا المنصب، وكانت أيضًا من أوائل السيدات اللائي شغلن منصب الرؤساء؛ من ضمن ذلك رئيسة قسم اللغة العربية في جامعة القاهرة، ورئيسة رابطة خريجات جامعة المرأة العربية، كما نالت العديد من الجوائز مثل: جائزة مجمع اللغة العربية، وجائزة الدولة التقديرية، والدكتوراه الفخرية من الجامعة الأمريكية.
أصدرت العديد من المؤلفات والترجمات، ومن أبرز مؤلفاتها: “أحاديث جدتي”، و”ألف ليلة وليلة”، و”الشياطين تلهو”، و”ثم غربت الشمس”، و”ذكرى طه حسين”، أما عن ترجماتها فمن أبرزها: “ترويض الشرسة”، و”قصص صينية” لبيرل بك، و”هدية من البحر”، و”رسالة أيون” لأفلاطون.