أهمية العادات
أهمية العادات
إن سر الانضباط الذاتي يكمن في تعويد المرء نفسه بعض العادات الجيِّدة، وأن يتخلَّى عن العادات السيئة، والعادة كما عرَّفها الكاتب تعني: القدرة المكتسبة على أداء فعل ما بطريقة آلية مع السرعة والدقة والاقتصاد في الوقت والجهد، وتكتسب العادات عن طريق التعلم والتكرار، ويتدخَّل فيها الإدراك والوعي.
وحتى يستطيع الإنسان تكوين عادات جيِّدة، فعليه ترسيخ ثلاثة مشاعر يبدأ بها، وهي: الشعور بوجود نموذج أسمى نطمح للوصول إليه، والشعور بأن وضعنا الحالي نموذج ينقصه بعض الأمور للوصول إلى النموذج الذي نطمح إليه، وأخيرًا أن نشعر بأن هناك بلا شك إمكانية للانتصار على النفس والوصول إلى ما نتمنى أن نكون.
وبهذه المشاعر تبدأ معركة العادات، فيبدأ الإنسان في محاولات عديدة لضبط عاداته، يجاهد لاكتساب العادات الحسنة والتخلِّي عن العادات السيئة، ومن الأمور التي تساعده على ذلك: أن يفهم أسباب العادة، وأن يسأل لماذا تتكرَّر هذه العادة السلبية؟ ثم يبدأ باكتشاف منظومة الأفكار السلبية، فيسأل نفسه هل هناك أفكار خاطئة يعتقدها؟ فمثلًا يعتقد الناس أن مرحلة الشباب مرحلة الاستمتاع بالحياة والتصرُّف وفق ما تهوى النفس، وهذه الفكرة لا بد أن يتخلَّص الإنسان منها أولًا قبل أن ينتقل إلى ضبط عاداته، لأنها ستتغيَّر وفق أفكاره.
أخيرًا بالخطوات الصغيرة، والتنظيم المُتدرِّج تبدأ علامات الانتصار في الظهور، وما يعينه على الاستمرار أن يكافئ أو يعاقب نفسه، وأن يتقبَّل انتكاسته لكن لا يستسلم لها، ومن الجيِّد أن يستعين الإنسان بأصدقاء صالحين، وأن يقترب من أشخاص إيجابيين يعينونه على فعل الخير، وأن يعمل ضد رغباته وما تهواه النفس.
الفكرة من كتاب الانضباط الذاتي
طالما تحدَّثت كُتب التنمية الذاتية عن أهمية ضبط الذات، وأن يكون الإنسان قادرًا على التحكُّم بأفعاله، وفي الغالب يكون غرض هذا النجاح نجاحًا دنيويًّا، وبلا شك هو أمر ضروري، ولكن ما ميزان “الانضباط الذاتي” في غاية وجود الإنسان في هذه الحياة؟
إن قيمة “الانضباط الذاتي” تتضح أهميتها ودورها الكبير إذا ما ارتقى الإنسان بغايته من الحياة، والإسلام جعل غاية الإنسان تحقيق العبودية لله (عز وجل)، لذا فإننا باعتبارنا مسلمين سندرك أهمية قيمة الانضباط الذاتي بشكل أوسع وأهم من أي شخص آخر، فالحياة تشبه المعركة التي لا بد أن نخوضها، والانتصار الأوَّل والأكبر في هذه الحياة هو الانتصار على النفس، وحينما ينتصر الإنسان على نفسه فإنه يتحرَّر من استبعاد العادة والهوى، ويبقى حُرًّا طالما بقي حيًّا.
مؤلف كتاب الانضباط الذاتي
الدكتور عبد الكريم بن محمد الحسن بكَّار: كاتب سوري وأستاذ بجامعة الإمام محمد بن سعود، يعدُّ أحد المؤلفين البارزين في مجالات التربية والفكر الإسلامي، حصل على درجة الدكتوراه من كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر الشريف بالقاهرة.
ألَّف العديد من الكتب، منها: “تكوين المفكر”، و”طفل يقرأ”، و”القراءة المثمرة”.