أهمية الرحلة
أهمية الرحلة
الحركة دليل الحياة ومكوِّن من مكونات الإنسان الأصيلة، والرحلة في جوهرها حركة واختراق مسافة من مكان إلى آخر استجابةً لدوافع وحاجات فردية وجماعية ملحَّة، وتتعدَّد أغراض الرحلة وإرادات الناس فيها، فمنها جدب البلاد وضيقها بأهلها والسعي للبحث عن مورد أوسع للرزق ومكان أخصب للزراعة والصيد، ومنها الفرار من ويلات الحروب أو بطش السلطان أو إفلاتًا من عقوبة مستحقة، ومنها شن الغارات وغزو البلاد الأخرى، ومنها طلب العلم والرغبة في استكشاف معالم وأراضٍ جديدة، ومنها الترفيه عن النفس والاستجمام أو لقاء الأحباب، وقد تكون لمجرد هوى في نفس المرتحل والإملال من البقاء الطويل في المكان الواحد والرغبة في المغامرة والانطلاق وتحدِّي النفس؛ يقول فينس موريسون: “ما أحلى المياه الجارية بينما البركة الراكدة نتنة، خُلق الناس كي يتنقَّلوا كالطيور المحلِّقة”.
رحلات الرجل أكبر كمًّا وكيفًا من رحلات المرأة التي غالبًا تتنقَّل تحت إشراف الرجل، وذلك بسبب ميل المرأة إلى السكون والاستقرار وطبيعة نشاطاتها التي تتركَّز في البيت، بخلاف حاجة الرجل المُطالب بالعمل والبحث عن موارد الرزق، وكذلك نتيجةً للفوارق البيولوجية حيث يصعب على بنية المرأة اللينة تحمل مصاعب السفر وحماية نفسها من الأخطار، فضلًا عن الأوامر الدينية والأعراف الاجتماعية التي تمنع سفر المرأة وحدها، يقول فاينز موريسن أحد رحالة القرن السابع عشر: “السفر ليس مناسبًا للمرأة، والعفيفة إن سافرت فلا بد أن تكون بصحبة الرجل”، ولكن ساعد وجود الاستعمار الغربي في القرنين التاسع عشر والعشرين على زيادة ارتحال الأوروبيات إلى بلاد الشرق الأوسط، وقد انخفضت القيمة الأدبية للرحلة مع وسائل المواصلات الحديثة.
الفكرة من كتاب كتابات الرحالة مصدر تاريخي
يقول ابن خلدون: “فالرحلة لا بد منها في طلب العلم ولاكتساب الفوائد، والكمال بلقاء المشايخ ومباشرة الرجال”، وكتابات الرحالة ذاكرة تاريخية مهمة وإن كانت لا تُصنَّف ضمن كتب التاريخ لكنها حوت معلوماتٍ مفيدة للغاية لدارس التاريخ لأن الرحالة يدوِّن الأحداث التي استهوته خلال الرحلة ويصف المعالم والآثار التي شاهدها ويحلِّل عادات وتقاليد القوم الذين عاينهم ويرسم أنماط حياتهم الاجتماعية والسياسية، ما يقلُّ الالتفات إليه من جانب المؤرخين المعنيين بتسجيل الأحداث الكبيرة وسير العظماء.
مؤلف كتاب كتابات الرحالة مصدر تاريخي
الدكتور علي عفيفي غازي: ولد في ١٥ فبراير ١٩٧٩، وحصل على ليسانس الآداب في التاريخ من جامعة الإسكندرية ثم شهادة الماجستير في الآداب من قسم التاريخ والآثار المصرية والإسلامية بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، وكان موضوع رسالته للدكتوراه “رؤية الرحالة لقيم وعادات عشائر العراق (١٨٠٠ – ١٩٥٨)”، وعمل مديرًا لمكاتب جريدة “الشرق العربي” بجمهورية مصر العربية منذ يناير ٢٠٠٧ ومشرفًا عامًّا على جريدة “أخبار كفر الشيخ”، وهو عضو بالجمعية المصرية للدراسات التاريخية.
أبرز مؤلفاته:
– رؤية الرحالة للمرأة البدوية في العراق والجزيرة العربية.
– الخط العربي في كتابات الرحالة الغربيين.
– الجزيرة العربية والعراق في استراتيجية محمد علي.