أهمية الذكاء العاطفي في بناء أسرة صحيحة نفسيًّا
أهمية الذكاء العاطفي في بناء أسرة صحيحة نفسيًّا
تعود نشأة الذكاء العاطفي إلى بروز نزعة تشكُّك في طغيان العقلانية في الثقافة الغربية ومجتمعاتها الصناعية، حيث إن العقل أصبح سيدًا ومهيمنًا على أمور العمل والحياة، في حين تم تجاهل العاطفة وازدرائها، وترجع أهمية الذكاء العاطفي في الحفاظ على صحة الأسرة النفسية، في حين أن الكثير من الأزواج يفتقدون هذا الذكاء العاطفي في تعاملهم مع شركائهم، حيث إن كلًّا منهم لا يفهم احتياجات الآخر الأساسية عاطفيًّا، بل ويسخر منها ويزدريها، ولا يفكر أبدًا في إشباع حاجات الآخر العاطفية، وأيضًا لا يفهم عواطفه الذاتية جيدًا ولا يستطيع السيطرة على مشاعره ولا إدارتها جيدًا، فمن المهم جدًّا لكلا الزوجين أن يعرفا الاحتياجات العاطفية لشركائهما ويعملان على إشباعها بشتى الطرق، ففي ذلك استقرار واستمرار للعلاقة وحفاظ على بناء الأسرة وصحتها النفسية.
وعلى صعيد تربية الأبناء فإن الأسرة هي المدرسة الأولى للتعلم العاطفي، إذ يتعلمون كيف يشعرون بأنفسهم، وكيف يثقون بذواتهم، وكيف يهتمون باحتياجات الآخرين من خلال التعاملات في الأسرة نفسها، وهناك نموذجان مشهوران للذكاء العاطفي: نموذج جولمان؛ ويقوم على خمسة أبعاد كلٌّ منها يترتب على الآخر، الوعي بالعواطف الذاتية، وإدارة العواطف، وحفز الذات والتعاطف والتعامل مع عواطف الآخرين.
ونموذج بار-تون، الذي يقوم على خمسة أبعاد: البعد الشخصي الذاتي ويتكون من الوعي بالعواطف الذاتية، وتأكيد الذات، واحترام الذات ومعرفة إمكانيات الذات، والاستقلال فكريًّا وعاطفيًّا وسلوكيًّا، والبعد الاجتماعي الزاخر بالتعاطف وفهم مشاعر الآخرين والقيام بالمسؤولية الاجتماعية، والقدرة على تكوين علاقات اجتماعية راسخة؛ وبعد التكيُّف والمرونة مع الواقع وبعد إدارة الضغوط، وبعد الانطباع الإيجابي المتمثل في الحفاظ على النظرة الإيجابية والتفاؤل الصحي والشعور بالسعادة والاستمتاع بما تفعل.
الفكرة من كتاب الأسرة وصحتها النفسية
كل بناء كبير يتكوَّن من وحدات صغيرة تجتمع بعضها مع بعض لتكوِّن البناء، وأي خلل أو نقص في مكون من مكونات البناء يعرِّضه بالكامل لخطر الانهيار، هذه القاعدة تجري مجراها على كل شيء في حياتنا، لا سيما المجتمعات، والمجتمع يتكوَّن من وحدات صغيرة تسمى الأسر، إذ إن لكل أسرة دورًا فعالًا في بناء مجتمعها، فهي تتأثَّر به وتؤثر فيه بصفة متبادلة في آن واحد، لذا فمن الأهمية بمكان أن ندرس تلك الأسر ومقوماتها وصحتها النفسية وكيف نحافظ عليها لكي نحافظ على المجتمع متماسكًا.
مؤلف كتاب الأسرة وصحتها النفسية
مصطفى حجازي: أكاديمي ومفكر لبناني، حاصل على دكتوراه الدولة في علم النفس من جامعة ليون في فرنسا.
له العديد من الكتب والمؤلفات منها:
الفحص النفسي.
علم النفس والعولمة.
حصار الثقافة، الإنسان المهدور.