أهمية الامتنان للنعم والحياة
أهمية الامتنان للنعم والحياة
لطالما عرفنا المبدأ الذي ينصُّ على أن أفضل سبيل للعيش هو أن نعيش كل يوم كما لو أنه الأخير في حياتِنا وأننا سنموت غدًا، فبهذا التفكير سنشعر أننا لن نؤخِّر شيئًا ما أو نُماطل فيه، لن نخشى أشياء كثيرة لطالما خشيناها، سنفعل في هذا اليوم كل ما بوسعنا لجعلنا سعداء، لكن وبرغم معرفتنا لذلك فإننا لا نُطبقه لعدة أسباب، أهمها أن الحياة تأخذنا وتشغلنا حتى إننا ننسى كونها فانية، قد يأتي يومٌ نموت فيه دون أي إشارة نحو ذلك، إننا البشر بطبيعتنا لا نفكر بشيء إلا إذا مسَّنا، فمثلًا لا نشعر بالامتنان لنعمة الصحة بأكثر قدر إلا إذا مسَّنا المرض، ولا بنعمة السمع إلا إذا فقدناه، حتى إننا في هذه اللحظة نكون مستعدين للتضحية بأثمن الأشياء فقط لعودة ما فقدناه، وأصبح يمثل لنا السعادة الحقيقية.
كانت هيلين أحيانًا ما تستمتع بسؤال رفاقها الذين يُبصرون عن ما يرونه من أماكن زاروها وما إلى ذلك، لكنها صُدِمت في إحدى المرات من جواب صديقتها التي أخبرتها قائلةً: لا شيء يستحق الذكر، ورأت هيلين أن هؤلاء الذين يبصرون لا يرون إلا قليلًا، كيف لا ونحن نمرُّ بالأماكن دون أن ننظر بتمعُّن إلى جمال الطبيعة في أوراق الشجر وجمال السماء والزهور ومناظر الطيور والمياه، هيلين نفسها كانت تشعر بكل هذا الجمال عن طريق اللمس العابر، فما بال النظر إليها والتمتُّع بجميل خلق الله، هل لأننا اعتدنا هذه النعمة فأصبحنا لا نُبالي أصلًا بما حولنا!
الفكرة من كتاب لو أبصرت ثلاثة أيام
إننا البشر حين نعتاد هذه الحياة ومرور أيامها ننسى كل تلك النعم التي رُزقنا بها، ويا لضعف الإنسان حين تضيق عليه دنياه بالتفكير في حزنٍ ويأسٍ وأوهامٍ أحاط نفسه بها، لكن كم من نعمٍ وجب علينا أن نقف لحظةً في يومنا ونحن ممتنون لوجودها، فها هي نعمة الأهل والأصدقاء والطبيعة من حولنا والصحة، ولكن ماذا إذا فقدنا نعمة النظر إلى كل ما تم ذكره؟ هل تخيَّلنا أنفسنا للحظة نودِّع نعمة البصر باعتبار أن اليوم هو آخر يوم لها، ماذا كنت ستقرِّر حينها؟
مؤلف كتاب لو أبصرت ثلاثة أيام
هيلين كيلر آدامز: كاتبة ومحاضرة أمريكية، وُلِدَت فاقدة لحواس السمع والبصر والقدرة على الكلام، لكنها حوَّلت إعاقتها إلى جانب إنساني حفر اسمها في التاريخ بعد أن أخذت بيدها معلمتها آن سوليفان لتعليمها حتى حصلت على درجة البكالوريوس بكلية رادكليف بتقدير امتياز، كما حصلت على جائزة نوبل في الآداب لعام 1979م، وقد ألَّفت نحو ثمانية عشر كتابًا، وتُرجِمت إلى خمسين لغة، ومن أشهر مؤلفاتها: “قصة حياتي”، و”العالم الذي أعيش فيه”، و”أضواء في ظلامي”.