أهل العلم
أهل العلم
قد يبدو من أعداد معاهد العلم، وكثرة تلاميذها وأساتذتها أن البشرية منشغلة بالحكمة، إلا إن الحقيقة هي أن أغلب المُعلمين يُدرِّسون ليكسبوا قوت يومهم ويتعلَّم الطُلاب بهدف التفاخر فقط، وبالتالي تنشأ أجيال تجري وراء المعلومات وليس وراء البصيرة، فالمعلومات بمفردها بلا قيمة، وطريقة تفكير الإنسان هي ما تجعل منه فيلسوفًا، وأغلبية أهل العلم يعتبرون المعرفة وسيلة وليست غاية، ولهذا لن يخلقوا أعمالًا عظيمة لأن من يخلق عملًا عظيمًا لا بد أن يصبو إلى المعرفة ذاتها ويصبح كل شيء حوله مجرد وسيلة إليها.
ما يثير حنق شوبنهاور هو استهزاء من يتربَّحون من العلم بمُحبي الفن باعتبارهم مجرد هواة، ويرجع ذلك إلى اعتقادهم أن الإنسان لا يكرِّس نفسه لشيء إلا إذا كان حافزه الجشع والجوع، فالحقيقة هي أن هؤلاء الهواة هم من يُنتجون الأعمال العظيمة لأنهم يتناولونها بشغف ويعتبرونها غاية في حد ذاتها.
معظم أهل العلم سطحيون لأن من يريد أن يحقق إنجازًا علميًّا ما لا بد أن يحصر تفكيره في مجال محدد ومختص جدًّا، وهكذا سيتفوَّق في موضوعه فقط، وما عدا ذلك سيكون مثل عامة الجنس البشري، فمن أجل الوصول إلى الثقافة الحقة لا بد أن يكون الشخص واسع الأفق، ومن يرغب في أن يكون فيلسوفًا كاملًا لا بد أن تجتمع عنده كل معارف الإنسانية لأنه سيتناول الوجود نفسه كمشكلة، ولا يستحق أحد أن يتصف بالعبقرية إلا من ينشغل بالجوهر والعام.
الفكرة من كتاب فن الأدب: مختارات من شوبنهاور
يكشف هذا الكتاب عن جانب مُختلف من الفيلسوف المتشائم شوبنهاور، وهو جانب الناقد الأدبي، وإن لم يخفت تشاؤمه وحِدَّته، ويحلِّل شوبنهاور في هذا الكتاب المشهد الأدبي من خلال ثمانية محاور تُمثِّل دليلًا لأي كاتب أو ناقد يرغب في التفوُّق لأن هذه المحاور ما زالت تبلغ نفس الدرجة من الأهمية الآن كما كانت وقت كتابتها.
مؤلف كتاب فن الأدب: مختارات من شوبنهاور
آرثر شوبنهاور: فيلسوف ألماني وناقد أدبي، اشتهر بآرائه وفلسفته التشاؤمية، ودرس الفلسفة بجامعة جوتنجن، ثم انتقل إلى جامعة برلين حيث حصل على درجة الدكتوراه عن رسالته المُعنونة: “الأصول الأربعة لمبدأ السبب الكافي”.
من مؤلفاته: “فن أن تكون دائمًا على صواب”، و”العالم إرادةً وتمثلًا” و”فن العيش الحكيم”.
معلومات عن المترجم:
شفيق مقار: كاتب وباحث وصحافي وإذاعي مصري نشرت كتاباته في مختلف العواصم العربية، وبُثَّت برامجه الإذاعية من القاهرة ولندن.
من ترجماته: “أبناء وعشاق”، و”الأم شجاعة وأبناؤها”.