أن تصير ذاتك
أن تصير ذاتك
كان اسبينوزا أوَّل من تساءل هل يمكن الوصول إلى حالة من الفرح دائمة أو غير منتهية، بأن يكون هناك صفاء دائم أو سكينة للروح لا تنتهي، حالة ينتهي فيها القلق كالتي يتوق إليها الفلاسفة والحكماء؟! يرى المؤلف أنه للوصول إلى حالة فرح شبه دائمة فإن هناك طريقين يكمل أحدهما الآخر، يتجه الأول إلى الذات نفسها، ويُطلَق عليه: فرح التحرُّر، والثاني: ينطلق تجاه الآخرين، ويعني التوافق مع العالم، ويُطلَق عليه: فرح التشارك، وهذان الطريقان يتوافقان مع ما سماه بعض الفلاسفة وكبار الروحانيين الفرح الكامل، وهو الفرح الذي لا يرتبط بسبب خارجي، ولا يقدر شيء على منعه.
أما الطريق الأول فهو أن تصير ذاتك كاملًا، ويبدأ بالتأمل الذاتي أو الاستبطان، وذلك بأن نختبر أنفسنا سعيًا إلى معرفة كل ما في ذاتنا فنفرز ما هو منها فعلًا، وما فُرِض علينا من الخارج من خلال تربيتنا وثقافتنا.
ومعرفة النفس إنما تكون عبر التأمل الذاتي، وهو لا يتحقَّق إلا من خلال الملاحظة الدقيقة والمستمرة لأنفسنا ورغباتنا ودوافعنا وما تثيره فينا، والتجربة وحدها كفيلة بأن تخبر المرء بالأسلوب الأفضل له والذي يحقِّق ذاته، وهذه الملاحظة لا تتأتَّى للإنسان إلا من خلال التدريب المستمر.
يسمح التأمل الذاتي الذي يدعمه أحيانًا برنامج علاجي بالكشف عما نكونه بالفعل من خلال التخلُّص من نظرة الآخرين، وأولى هذه النظرات هي نظرتنا إلى ذواتنا بالتخلُّص من قيود عبوديتنا الداخلية.
إن الإنسان في أصله كائن ذو رغبة، وتسعى كل رغبة من رغباته إلى الفرح، أما الحزن فهو رغبة تم توجيهها بطريقة خاطئة، وقد تأثَّرت بسبب خارجي، ونحن نعيش أوقاتًا كثيرة تحت سطوة أهوائنا التي تقودنا إلى السلبية ومن ثم إلى العبودية، وتستند الأخلاق إلى قوَّتنا الحيوية وانفعالاتنا ورغباتنا التي من خلالها يمكن تغيير الأفكار الناقصة إلى أفكار كاملة تسهم في كمال وجداننا، ومن ثم تحصيل الفرح الكامل والدائم.
الفكرة من كتاب قوة الفرح
ينشد الإنسان في حياته الفرح ويطلبه، لأن الفرح يحمل في ذاته قوَّةً تحرِّك الإنسان نحو ما يحبه، فهو تأكيد للحياة، وهو الوسيلة التي نتيقَّن من خلالها من حقيقة وجودنا ونتذوَّق عبرها هذا الوجود.
يناقش فريدريك لونوار مسألة الفرح من منظور فلسفي، والفرق بينه وبين اللذة والسعادة، وهل يمكن للإنسان الوصول إلى فرح دائم؟
مؤلف كتاب قوة الفرح
فريدريك لونوار Frédéric Lenoir: كاتب فرنسي، ولد في مدغشقر عام 1962.
من كتبه ومؤلفاته:
فن الحياة.
رؤى لونا (رواية).
الحكمة لمن يبحث عنها.
في السعادة.. رحلة فلسفية