أنواع ومكوِّنات الأسرة العربية
أنواع ومكوِّنات الأسرة العربية
الأسرة هي مجتمع مصغَّر يقوم على دعامتين أساسيتين، الأولى بيولوجية تتمثَّل في علاقات الزواج وعلاقات الدم بين الوالدين والأبناء والأحفاد، والثانية اجتماعية ثقافية حيث تنشأ علاقات المصاهرة وترتبط العائلتان معًا عن طريق الزواج.
وتنقسم الأسر من حيث الطبيعة إلى قسمين رئيسين في المجتمع العربي منذ بدايته وحتى يومنا هذا، القسم الأول يسمى الأسرة النواتية، وهو النوع الجديد على الحياة العربية وقد تزايد انتشارها مع ازدياد التحضر والدخول في عصر الحداثة، وتتكوَّن الأسرة النواتية من الوالدين والأبناء غير البالغين، وتمتاز بصغر حجمها وانتشار الحرية الفردية بين أفرادها، والسكن المستقل والحياة الاقتصادية المستقلة نسبيًّا عن أسر الأصل، ولكن في عالمنا العربي تحافظ الأسرة النواتية على شبكة من العلاقات مع الأسر الأصلية والأقارب، حيث تستفيد من مساندتهم ماديًّا ومعنويًّا وتتبادل الخدمات معهم.
القسم الآخر يسمى الأسرة الممتدة، وهو النمط الذي ساد في العالم العربي قديمًا وإلى مرحلة ليست بالبعيدة، وتتكوَّن من الأجداد والآباء والأبناء، ولا يزال بعضها موجودًا حتى اليوم، حيث يعيش الجميع في حيز مكاني واحد قبل الزواج وبعده وفي مختلف المراحل العمرية، حيث توفر الأسرة الممتدة الحماية والرعاية والفرص الاقتصادية والمهنية والاجتماعية لأعضائها، في مقابل الطاعة والولاء للأسرة أو القبيلة أو العشيرة، وبذلك فإنها تمارس مستوى مرتفعًا من الضوابط السلوكية على أفرادها، مما يحد من حرية القرار والاستقلالية المادية والفكرية، ومن أهم قواعدها أن المرجعية للكبار دائمًا وأن للكبار كلمة وسلطة على الصغار دائمًا.
وهناك منظومات فرعية داخل المنظومة الأساسية، إذ إن هناك منظومة الزوجين وعلاقتهما فيما بينهما، ومنظومة الأم والأبناء وما يميزها، ومنظومة الأب والأبناء وما يميزها، وتتسم كل هذه المنظومات بالمرونة في التعامل وتنفيذ الحدود فيما بينهم.
الفكرة من كتاب الأسرة وصحتها النفسية
كل بناء كبير يتكوَّن من وحدات صغيرة تجتمع بعضها مع بعض لتكوِّن البناء، وأي خلل أو نقص في مكون من مكونات البناء يعرِّضه بالكامل لخطر الانهيار، هذه القاعدة تجري مجراها على كل شيء في حياتنا، لا سيما المجتمعات، والمجتمع يتكوَّن من وحدات صغيرة تسمى الأسر، إذ إن لكل أسرة دورًا فعالًا في بناء مجتمعها، فهي تتأثَّر به وتؤثر فيه بصفة متبادلة في آن واحد، لذا فمن الأهمية بمكان أن ندرس تلك الأسر ومقوماتها وصحتها النفسية وكيف نحافظ عليها لكي نحافظ على المجتمع متماسكًا.
مؤلف كتاب الأسرة وصحتها النفسية
مصطفى حجازي: أكاديمي ومفكر لبناني، حاصل على دكتوراه الدولة في علم النفس من جامعة ليون في فرنسا.
له العديد من الكتب والمؤلفات منها:
الفحص النفسي.
علم النفس والعولمة.
حصار الثقافة، الإنسان المهدور.